على شفا حفرة من النار، تقف الأرض المحتلة، لتنطلق يد المقاومة المشروعة كقنبلة موقوتة لا تقبل المساس بفلسطين ومقدساتها لليوم الخامس عشر على التوالي، عمليات فردية في الضفة والقدسوغزة، مجهولة المصدر ومعلوم منفّذها، تزعج المحتل الإسرائيلي، ولا تعرف غريمها، بل أوجعتها خلال اليومين الماضيين، فاضطرت حكومتها، أمس، استدعاء احتياطي من الجيش، وإغلاق مناطق في القدس والضفة، وهدم منازل منفذي العمليات، فرد الفلسطينيون ”الذبح وما يتبعه قادم..قادم”. أمام تعقيدات المشهد الميداني والسياسي بالضفة، تفرض الأحداث سؤالا برسم السياسة حول إمكانية تشكيل قيادة موحّدة تقود الجماهير الفلسطينية تجاه مواقف وأحداث موحّدة تضمن توجيه مسارها صوب الإجماع الوطني، وتحميها من مسارات التسوية. وبدت الإجابة على السؤال أكثر تعقيدًا رغم إجماع القوى السياسية على ضرورة تشكيل قيادة موحّدة ودعوتها لتشكيل مرجعية سياسية وميدانية تحرّك الجماهير الثائرة في الميادين المختلفة بالضفة والقدسالمحتلة، إذ أن متطلبات التنفيذ تبدو شبه غائبة في ظل تناقضات وتحديات سياسية وميدانية. حركة حماس تشاركها قوى اليسار وحركة الجهاد الإسلامي يتشاورون على تشكيل قيادة للانتفاضة الثالثة.
وقالت ليلى خالد، عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية، إن هناك اتصالات ولقاءات تجرى بين عدد من الفصائل والقوى السياسية الفلسطينية، بغرض الاتفاق على بلورة قيادة فلسطينية موحدة لإدارة الانتفاضة. وأضافت في تصريح ل”الخبر”، أن هذه الاتصالات تعقد في غزة، ويتم النقاش فيها مع عدد من القيادات الفلسطينية في الضفة والخارج، بغرض الوصول إلى تحقيق هذه الخطوة، موضحة أن الهدف من هذه القيادة العمل على رسم برنامج الانتفاضة والأساس في عملية المواجهة بالزمان والمكان. وأكدّت محدّثتنا أن قيادة السلطة الفلسطينية لن تشارك في هذه القيادة، إذ أنها لم تقتنع بعد بضرورة قطع العلاقة بشكل جذري مع الاحتلال، وأشارت إلى أن الاتصالات لا تزال مستمرة، كي تنتج عنها قيادة تليق ومستوى تضحيات المرحلة. وفي السياق، دعا المجلس التشريعي الفلسطيني في قطاع غزة، إلى تشكيل جبهة وطنية عريضة لقيادة انتفاضة القدس، يكون عنوانها الوطن والمقاومة، ومرادها الحرية وقبلتها الأقصى والقدس. وقال المجلس الوطني: ”إن الشعب يمارس حقه المشروع في الدفاع عن نفسه لصدّ العدوان والإرهاب الذي تمارسه حكومة الاحتلال الإسرائيلي ضده وضد أرضه ومقدساته”.
ورفض المجلس الوطني الفلسطيني، القرارات الصادرة عن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر والتي تقضي بتصعيد قمع المواجهات الفلسطينية في مختلف أنحاء الأراضي المحتلة، وأضاف ”تصريحات رئيس حكومة الاحتلال هي تصريحات لرئيس عصابة مجرمة تقترف شتى أنواع الإرهاب والقتل تدعمها وتشجعها مواقف وتصريحات دولة كبرى تدعي حرصها على السلام”. وبدأ، صباح أمس، تنفيذ قرارات الكابنيت والتي من أبرزها نشر مئات الجنود في مدينة القدسالمحتلة، ووضع الحواجز على مداخل الأحياء الفلسطينية، مما حوّلَها إلى ثكنة عسكرية. وشنّت قوات الاحتلال حملة مداهمات واعتقالات واسعة شملت القدسالمحتلة ومدن عدة في الضفة، في حين عمّ إضراب شامل في بيت لحم وقطاع غزة وفي مدينة القدس، واعتقل الاحتلال خلال حملات دهمٍ واسعة طالت منازل المواطنين في العديد من أحياء المدينة، أكثر من عشرين مقدسيًا من الأطفال والأشبال بينهم طفلة قاصر. وداهم جنود الاحتلال الإسرائيلي عدة منازل في بيت فوريك وعصيرة الشمالية في نابلس، وأصيب أربعة مستوطنين بمواجهات مع الفلسطينيين قرب مستوطنة يتسهار بنابلس وحاجز حوراه. وفي سياق متصل، شهدت مدينة بيت لحم وبلدتي بيت جالا وبيت ساحور وقرى ومخيماتها، إضرابًا شاملا، حدادًا على استشهاد معتز زواهرة، وتجدّدت المواجهات عقب تشييع جثمان الشهيد وأصيب أربعة شبان بأعيرة مطاطية.