عادت أول أمس الذكرى الخامسة لرحيل أمير الأغنية الشاوية، الفنان علي ناصري المعروف ب''كاتشو'' الذي رحل إثر حادث مرور أليم على مستوى الطريق الوطني رقم 03 الرابط بين باتنة وعين التوتة، بالقرب من المحجرة الكبيرة، حدث ذلك يوم 12 أوت 2009 تاركا زوجته وابنيه عبد الله ‘'سيفو'' وشيماء، ورصيدا فنيا أثريا غنيا بالأغنية الشاوية الأصيلة. أحيا الذكرى بعض رفقاء الراحل وزملائه الفنانين وأبناء المنطقة، علما أن بعض الفنانين استحضروا ذكراه خلال الطبعة ال36 من مهرجان تمقاد الدولي، من خلال تأدية بعض أغانيه والحديث عن مساره الفني ودوره البارز في ترقية الأغنية الشاوية، ومن هؤلاء الفنانين؛ ماسينسا وفريد حوامد وبلبش وكادير الجابوني والشاب خلاص ويحي الخنشلي والفنانة التونسية زهرة لجنف التي لم يكتب لها القدر أن تنجز ديو مع كاتشو، حسبما صرحت به، كما راحت تستحضر ذكرياته بتأثر، ونفس الإحساس بالألم عبر عنه نصر الدين حرة وسليم الشاوي وعدة فنانين آخرين حضروا تمقاد. للإشارة، التقت «المساء» مع بعض الفنانين الذين عايشوا الفنان الراحل كاتشو وتحدثت معهم عن حال الأغنية الشاوية، ليؤكد جميع هؤلاء في الذكرى الخامسة لرحيل هذا الفنان أن غيابه كان خسارة كبيرة للأغنية الجزائرية عامة والشاوية خاصة، ووصفوا جهده وإبداعه وبحثه المستمر في التراث الشاوي بالثمين، لأنه يمثل جزءا من هوية هذه المنطقة من الوطن التي لها ثقلها في مسار التاريخ الجزائري عبر العصور. تمكن الراحل من الالتزام بالنوع الشاوي وتربع على عرش الأغنية الشاوية، كما حاول استغلال علم الموسيقى لتطوير هذا الفن، بالتالي استطاع أن يضع بصمته الخاصة فيه. استهل الراحل كاتشو نشاطه الفني مع فرقة «ثازيري» رفقة الفنان سليم سوهالي واشتهر في بداياته بأغنية «أقوجيل»، وتعني اليتيم، لينطلق المشوار بسرعة وثبات نحو القمة، أنتج خلاله 14 ألبوما بأغاني مستلهمة من التراث ومن الواقع الاجتماعي المحلي للمنطقة، بالتالي ساهم بقسط وافر في ارتقاء الأغنية الشاوية والخروج بها من إطار المحلية، فغنى في الأولمبياد بباريس بعد عقود من ظهور عميد الأغنية الشاوية عيسى الجرموني على خشبتها. لم يهمل الراحل جانب عصرنة الأغنية الشاوية وأعطى فيها الكثير، حيث أدى أكثر من 100 أغنية كلها من توقيع رفيق دربه عمر جماطي، ومن ضمن مجموعة الأغاني التي اشتهر بها كاتشو؛ «على السلامة يا عبد القادر واحنا شاوية ونوارة وهزي عيونك». لم يكتب للمرحوم أن يطلق أعماله الفنية التي كان من المفروض أن تخرج للجمهور بعد شهر رمضان من سنة رحيله، فقد كان آخر ظهور له قبل ثلاثة أيام من وفاته، صدح فيها فوق ركح المسرح الروماني بجميلة وكان قبلها في ليلة اختتام الطبعة الواحدة والثلاثين لمهرجان تيمقاد الدولي قد حرص على تثمين جهود القائمين على الشأن الثقافي لترقية مهرجان تيمقاد الدولي إلى مصاف المهرجانات العالمية الكبيرة، بمبادرة قام بها شخصيا لتكريم المدير العام للديوان الوطني للثقافة والإعلام، السيد لخضر بن تركي. عرف الفنان الراحل ‘'كاتشو'' رحمه الله، بأخلاقه السامية والشخصية الإنسانية وكان من الساعين للمحافظة على الإرث الفني والمورث الثقافي الذي تزخر به منطقة الأوراس، مما جعله سفيرا للنغمة الشاوية الأصيلة. كاتشو من مواليد سنة 1963 بقرية حملة بباتنة، عرف بخصاله الحميدة طيلة مشواره الفني وأدى سنة 2005 فريضة الحج، متزوج وأب لولدين وبنت، سيف الدين 22 سنة، محمد أمين 19 سنة وشيماء 14 سنة، يؤدي الأغاني باللغتين العربية والأمازيغية وله منها عدة أغان وطنية ودينية، تطغى عليها الأصالة ومعاني الوطنية. كان آخر حديث للمرحوم مع طبيبه بمستشفى عين التوتة، 35 كلم جنوبباتنة، حيث قضى 20 دقيقة بعد الحادث الذي وقع يوم 12 أوت على السادسة والنصف مساء، ويروي مدير أعماله عن الطبيب أنه أعجب بشجاعته وهو يستسلم للموت بعد تلفظ الشهادتين وترديد كلمة «ساعدوني أنا خوكم رايح نموت».