حذر صيادلة تحدثوا ل «المساء» من تفاقم مشكلة التسمم الدوائي، وقالوا إن ظاهرة الاقتناء الذاتي للأدوية خاصة مسكنات الألم في تزايد ملحوظ، مبينين أن إهمال الاستشارات الطبية، وأحيانا الجهل بكيفية التعامل مع الأدوية يكونان وراء التسمم بالدواء خاصة بالباراسيتامول الذي يقتنيه 70 % من الناس دون وصفة، ما يجعله الدواء الأكثر انتشارا وسط الناس، كونه مسكنا للألم ومخفضا للحمى. وطلب الصيادلة من المواطنين ضرورة توخي الحذر من الاستهلاك المفرط لحبات «الباراسيتامول»، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة في الصيف وخطر الإصابة بضربات الشمس. على الرغم من كون «الباراسيتامول» الدواء الذي يفضله الكثيرون، إذ أنه أكثر دواء يمكن اقتناؤه دون وصفة طبية ومسموح بتناوله بسبب آلام الرأس والأسنان والحمى وحتى خلال فترة الحمل، إلّا أن نتائج دراسة جديدة تشير إلى أن له آثارا جانبية خطيرة نادرة الحدوث. فالباراسيتامول ذو المبيعات التي تقدر ب50 مليون علبة في ألمانيا، بلد الدراسة، يعتبر أحد أفضل مسكنات الألم للمقبل على استهلاكها، و بالإضافة لذلك فإن هناك دراسات أخرى تشير إلى أن التناول المنتظم للباراسيتامول من الممكن أن يزيد نسبة حدوث أزمة قلبية والسكتة الدماغية. وعلى الرغم من ذلك فإن الدراسة التي نشرت في ‘الدورية الأوروبية للألم» تحذر مجددا من نتائج التعامل بلامبالاة مع مسكنات الألم التي لا تشترط وصفة طبية لصرفها. وتعتبر الدراسة أن السذاجة التي يتناول الناس بها مسكن الألم مقلقة، لذلك تطالب بأهمية التوعية بإلزام الناس والصيادلة معا بأهمية الوصفة الطبية في اقتناء الباراسيتامول، إلا أن الواقع بمجتمعنا يشير إلى مدى استفحال الاقتناء الذاتي لهذا الدواء الذي دخل حسب أحد الصيادلة بشارع العربي بن مهيدي بالعاصمة في خانة «الإدمان» بالنسبة للكثيرين، مؤكدا أنه يبيع ما معدله 20 إلى 25 علبة يوميا، أي ما قد يصل إلى 600 علبة في الشهر الواحد، مبرزا أن الكثيرين يرون فيه الدواء الشافي لآلام الرأس والأسنان وارتفاع الحمى وحتى الإحساس بالغثيان، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة في فصل الصيف. وقال إن الاستعمال المفرط لمسكنات الآلام مثل الباراسيتامول أو تناولها بجرعة عالية يؤدي إلى تسمم على مستوى الكبد، ما قد يؤدي إلى الوفاة أو إلى الإصابة بقصور كلوي حاد إذا ما تم استعماله بصفة مفرطة، موضحا أن الدراسات المتخصصة قد أكدت أن الاستهلاك المنتظم لحبات الباراسيتامول لمدة تصل إلى 10 سنوات يؤدي في النهاية إلى فشل كلوي يلزم صاحبه الخضوع لحصص الغسيل الدموي. من جهتها، تشير صيدلية إلى أن الباراسيتامول له إيجابيات كثيرة، حيث يستعمل على أنه مسكن للألم وخافض للحرارة ومهدئ للسعال، كما يوصف أيضا للتخلص من حالات نزلات البرد، علاوة على التخفيف من آلام البطن والجروح، «فعند أي ألم يكون الباراستيامول العلاج النهائي، إلا أن الإفراط في أي دواء وليس فقط الباراسيتامول له أضراره الكثيرة ويتأتي التسمم الدوائي على رأسها». وتوضح المتحدثة محذرة من الإفراط في تناول هذا الدواء دون استشارة الطبيب خاصة وأننا في فصل الصيف، حيث تكثر الإصابة بآلام الرأس والغثيان بفعل التعرض لضربات الشمس. وتضيف أن الإفراط في تناول الباراسيتامول قد يعرض الأشخاص إلى الإدمان عليها ما يعني عدم الاستجابة بفعالية الدواء في أجسامهم لذات السبب. وأوضحت من جهتها أنها تبيع ما بين 600 إلى 650 علبة منه في الشهر الواحد، أي ما يعادل 7200 علبة في السنة. صيدلية أخرى، تؤكد أن حوالي 70 % من الوافدين على الصيدلية يشترون مسكنات الألم وعلى رأسها الباراسيتامول، معلقة بالقول إن هذا الدواء أصبح اليوم ضمن «عوايد» معظم الجزائريين وأن الفرد اليوم لم يعد بوسعه تحمل الآلام ويسارع لتناول ما معدله 1000 ملغ من البارسيتامول يوميا، وأحيانا الضعف، متجاهلين أن الإفراط يؤدي إلى الإصابة بأمراض أخرى مثل الأزمة القلبية أو «الخبّاط» مثلما هو شائع عندنا. وتوضح المتحدثة أن الكثير من الناس يجهلون المضاعفات التي يخلفها دواء الباراسيتامول على المدى الطويل، كونه مصنوعا أساسا من مواد كيميائية بإمكانها إحداث أضرار كثيرة على صحة الفرد، موضحة أن هذا الدواء يحقق مبيعات كبيرة مقارنة بالأدوية الأخرى بما يفوق 20 علبة يوميا نظرا لارتباط استعماله بأعراض كثيرة كآلام الرأس وآلام الأسنان والزكام والسعال والغثيان وغيرها. وهي الأعراض التي لديها كلها علاج واحد عند الجزائريين وهو الباراسيتامول. الدواء السحري أضحت علب الباراسيتامول من ضمن المقتنيات الاعتيادية لدى الكثيرين، إذ تقول مواطنة إن ارتباطها بحبات الباراسيتامول وثيق جدا، ذلك لأنها تعاني ألما مزمنا للرأس، ناهيك عن الضغط المتواصل والناتج عن مشاغل الحياة ومشاكل العمل، ولأنها لا تتحمل الألم، فحبات هذا الدواء السحري تكون منفذها الوحيد. وتقول إنها تختار أكثرها تركيزا فأحيانا تتناول على حد قولها- 3 حبات دفعة واحدة ما يعني 1500 ملغ من البارسيتامول، موضحة أن الأقاويل باحتمال إصابتها بالتسمم الدوائي لا يهمها بقدر ما يهمها أن يتوقف الألم الذي لا يطاق. من جهتها، تقول مواطنة أخرى أن لها «ارتباطا عاطفيا وثيقا» بحبات البارسيتامول، فهي الأخرى لا تتحمل الألم مطلقا، وبمجرد الإحساس بوجع صغير في الرأس، تمتد يدها تلقائيا إلى علبة الدواء «لتلتهم» حبتين دفعة واحدة، وتعلق على هذا بقولها «المهم أن تحمل العلبة ملاحظة: مسكن فوري للألم لأنني ببساطة لا أتحمل الوجع». أما مواطن آخر، فقال إن الباراسيتامول يلازمه دوما لأن صداع الرأس يلازمه بشكل يومي تقريبا، مؤكدا أنه قد يتناول ما معدله 2000 ملغ باراسيتامول، أي ما يعادل 4 حبات «وأحيانا دون جدوى، فبعد تناولي المنتظم لهذا الدواء أصبح لا يجدين نفعا» يقول المتحدث. وبالنسبة لإحدى الشابات، فإن الأمر مختلف تماما، إذ أن الدواء حسبها عبارة عن كيماويات أضرارها أكثر من منافعها، حتى وإن تعلق الأمر بمسكن الألم مثل الباراسيتامول. وتؤكد أنها نادرا ما تصاب بصداع لأنها لا تتناول أي نوع من المنبهات مثل القهوة والشاي، ولجوئها لتناول حبة باراسيتامول يحدث في فصل الصيف إذا أصيبت بضربة شمس، أما في فصل الشتاء فإنها تفضل عصير برتقال في حالة إصابتها بنزلات البرد، كذلك تفعل شابة أخرى مفضلة الاعتماد على المناعة أو على بعض الحمضيات في حالة الإصابة بالزكام، وبالراحة في حالة الإصابة بآلام الرأس..