أبانت تظاهرة يوم الربيع المنظمة مؤخرا لصالح الحرفيات صاحبات المشاريع، أن الشهادة الجامعية والدبلوم الحرفي أصبحا مكملين لبعضهما، حيث تحدثت "المساء" إلى حرفيات صاحبات مشاريع مستقلة، أكدن حيازتهن على شهادات جامعية، إلا أن ذلك لم يمنعهن من مزاولة حرفة يدوية، وهو ما جعلهن يؤكدن المثل الشعبي القائل "يروح مال الجدين وتبقى صنعة اليدين".. قالت الحرفية في صناعة الحلي، آسيا.ش، بأنها اكتشفت هواية صناعة الحلي سنوات بعد تخرجها الجامعي وعملها كمهندسة في التجارة العالمية، ولظروف أسرية تخلت عن وظيفتها، لكنها اكتشفت في نفسها هواية صنع بعض الحلي للتزين الشخصي، تقول بأن الشهادة الجامعية كانت مسارا طويلا لسنوات نجحت خلالها في الظفر بشهادة عليا فرّحت بها والديها، "لكنني بدأت أكتشف شيئا بداخلي نحو الحرفة اليدوية واخترت صناعة الحلي لأنها تعبر عن شخصيتي". تعمل الحرفية في إبداع قطع الحلي بمواد أولية متوفرة في السوق كالجوهر والفضة والنحاس وحتى المرجان، أما تشكيل القطع فيكون حسب الحالة النفسية. أما عن الجمع بين الشهادة والحرفة، فتقول المتحدثة بأنهما كالعملة الواحدة، حيث زالت تلك النظرة التي كثيرا ما كانت تربط الحرفة اليدوية بالبنات اللواتي تسربن من المدرسة، أو الماكثة في البيت التي لديها الكثير من وقت الفراغ، وعليها ملؤه بالتطريز أو الخياطة أو غيره. اليوم ومع ترامي مراكز التكوين المهني هنا وهناك والتنوع الكبير في التربصات المقترحة التي تخدم جميع الأذواق، فإن الحرفة أصبحت إلى حد كبير مرادفا للنجاح والاستقلال المادي بعده، بعدما كان هذا لسنوات لصيقا بالشهادة الجامعية، تقول نورية / أ الحرفية في الطرز التقليدي والرسم على الحرير والمتحصلة على شهادة جامعية في الهندسة المعمارية. وبين جمعها للشهادة والدبلوم، تقول المتحدثة بأنها نشأت في وسط حرفي بامتياز، فما بين الأم والخالات اللواتي يتقن كلهن حرفا مختلفة بين التطريز والخياطة والكروشيه، فإن تلقي فنون هذه الحرفة وتلك، كان سهلا عليها،طبعا-تضيف- لم تكن لتتخلى عن دراستها، فواصلت تعليمها الجامعي ونالت الشهادة، لكن ميلها للصنعة اليدوية جعلها تعزز حبها في التفكير في إنشاء مؤسسة مصغرة، خاصة أن الدولة وضعت الكثير من الآليات الداعمة لهذا المسار، من أجل ذلك تلقت تكوينا في مؤسسة اتصال خاصة لتلقي كيفية ترويج وتسويق المنتوج الحرفي، وتقول بأن الفكرة بدأت تتضح جليا حتى تحقق التطور المنشود في حرفتها، بعد أن حققت استقلالا ماديا بعد ثلاث مشاركات فقط في المعارض هنا وهناك. ومن بين اللواتي جمعن بين الشهادة والوظيفة والحرفة، تأتي حنان ولد نوغي أستاذة لغة إنجليزية وحرفية في الحلي العصري، تقول إن حرفتها اليدوية لا تشكل أي عائق أمام وظيفتها كأستاذة، "الشهادة في الواقع وظيفة بأجرة لكن الحرفة هي الراحة النفسية المنشودة، ولا أحد يدري كيف يمكن أن تسير الأمور أو تنقلب الأحوال، لذلك فإن الحرفة رأسمال حقيقي". من جهتها، ترى الحرفية في الصباغة على الحرير مياسة شارف، وهي أستاذة في اللغة الإنجليزية، أن الجمع بين الشهادة والحرفة ليس شيئا خارقا لا يمكن تحقيقه، "ففي ما مضى، كانت الأسرة تشجع بناتها على الدراسة والنجاح في الشهادات لسبب بسيط أن الأمهات ولأسباب كثيرة حرمن من استكمال دراستهن أو حرمن من المدرسة كلية، لذلك فإنهن انشغلن بتعلم الخياطة والكروشيه وغزل الصوف لتأمين حاجات أطفالهن من ملابس"، تقول المتحدثة وتضيف أنه تغيرت الكثير من الوقائع وأصبح من السهل جدا تعلم صنعة يدوية دون التخلي عن الدراسة أو حتى على الوظيفة.. هناك مواقع الأنترنت ومئات مقاطع الفيديو التي تعلم هذه الحرفة أو تلك، "لذلك أعتقد أن التي لا تجد الوقت لتعلم الحرف تتحجج بذلك فقط، فأنا أستاذة أحضر الدروس وأصحح الأوراق وأجد وقت فراغ لأمارس حرفتي التي تشعرني بالارتياح النفسي كثيرا".