أكد المجلس الدستوري مطابقة القوانين المتعلقة بالانتخابات وبالهيئة العليا لمراقبتها وبتنظيم عمل المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة وعلاقتهما الوظيفية بالحكومة، للدستور، مما أسفر عن تثبيت دستورية معظم مواد القوانين المذكورة، وإعادة صياغة الأحكام غير المطابقة جزئيا للدستور، فيما أكد، في المقابل، عدم دستورية المادة 3 ومحاور من المادة 37 من القانون المتعلق بالهيئة العليا لمراقبة الانتخابات والمادة 15 من القانون المنظم لعمل غرفتي البرلمان وعلاقتهما بالحكومة. وأعلنت هيئة مراد مدلسي طبقا لما جاء في العدد 50 للجريدة الرسمية، عن آرائها المعللة بخصوص مطابقة القوانين الثلاثة المذكورة للدستور، بناء على إخطار رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة للمجلس الدستوري برسالة مؤرخة في 23 جويلية 2016، طبقا لأحكام المادتين 141 و186 من الدستور. في هذا السياق، تضمّن الرأي رقم 2 للمجلس الدستوري المؤرخ في 11 أوت الجاري، قرار المجلس حول مدى مطابقة القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات للدستور، من حيث الشكل والموضوع. واعتبرت هذه الأخيرة من حيث الشكل، أن القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات قد تمت المصادقة عليه طبقا للمادة 141 من الدستور، ويُعد بذلك مطابقا للدستور، كما أن إخطار رئيس الجمهورية المجلمجلس الدستوري بخصوص مراقبة مطابقته للدستور، يُعد إجراء دستوريا تطبيقا لأحكام الفقرة 2 من المادة 186 من الدستور. أما من حيث الموضوع وبعد أن أقر بإعادة صياغة تأشيرات القانون العضوي موضوع الإخطار، فسجل المجلس الدستوري بخصوص 10 أحكام تم إخطاره بها، المطابقة الجزئية ل 7 منها، ودعا إلى إعادة صياغتها، فيما أكد مطابقة مادتين للدستور، وأوصى بتصحيح خطأ وارد في المطة 3 من المادة 5 من القانون العضوي، يتعلق بالمرجع المستند عليه في حالات المنع من التسجيل في القائمة الانتخابية. من جانب آخر، سجلت الهيئة الدستورية في الرأي رقم 3 المتعلق بالهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، دستورية الإجراءين المرتبطين بالمصادقة على هذا القانون، وإخطار رئيس الجمهورية المجلمجلس الدستوري بخصوص مراقبة مطابقته للدستور، فيما أوصت بإعادة صياغة التأشيرة الأولى للقانون موضوع الإخطار، وإضافة قانونين عضويين لتأشيراته، (القانون العضوي المتضمن القانون الأساسي للقضاء والقانون العضوي المتعلق بتشكيل المجلمجلس الأعلى للقضاء وعمله وصلاحياته). أما فيما يخص مواد القانون العضوي موضوع الإخطار، فقد أقر المجلس الدستوري بعد مطابقة المادة 3 والمطات 1 و3 و4 من المادة 37 للدستور، وذلك لأن ما تضمنته هذه الأحكام وارد في أحكام الدستور، ولم يتم سوى نقله إلى القانون. وجاء تعليل الهيئة الدستورية في هذا الإطار كما يلي: "فيما يخص المادة 3 والمطات 1 و3 و4 من المادة 37 من القانون العضوي موضوع الإخطار مأخوذتين بصفة مجتمعة لاتحادهما في العلة والمحررة كالآتي: المادة 3: تسهر الهيئة العليا في إطار احترام أحكام الدستور والتشريع المعمول به على شفافية ونزاهة الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية، وكذا الاستفتاء منذ استدعاء الهيئة الناخبة حتى إعلان النتائج المؤقتة للاقتراع". المادة 37: تكلف اللجنة الدائمة للهيئة العليا بما يأتي: - الإشراف على عمليات مراجعة الإدارة للقوائم الانتخابية - صياغة التوصيات لتحسين النصوص التشريعية والتنظيمية التي تحكم العمليات الانتخابية. - تنظيم دورات في التكوين المدني لفائدة التشكيلات السياسية حول مراقبة الانتخابات وصياغة الطعون". وتابع المجلس تعليله بالإشارة إلى أنه "اعتبارا أن المشرع أدرج في المادة 3 وفي المطات 1 و3 و4 من المادة 37 من القانون العضوي موضوع الإخطار أحكاما من الدستور بنقله حرفيا بعض أحكام المادة 194 من الدستور، واعتبارا أن المشرع طبقا للمبدأ الدستوري القاضي بتوزيع الاختصاصات، مطالَب بأن يراعي عند ممارسته التشريع المحدد في الدستور للنص المعروض عليه؛ فلا يدرج ضمنه أحكاما تعود دستوريا لنصوص أخرى، واعتبارا أن نقل بعض أحكام الدستور إلى هذا القانون العضوي حرفيا، لا يشكل في حد ذاته تشريعا، بل مجرد نقل لأحكام يعود فيها الاختصاص لنص آخر يختلف عنه في إجراءات الإعداد والمصادقة والتعديل في الدستور، واعتبارا بالنتيجة أن المشرع بهذا النقل الحرفي لبعض نصوص المادة 194 من الدستور، يكون قد أخل بالمبدأ الدستوري لتوزيع الاختصاصات، ومن ثم تعتبر المادة 3 والمطات 1و3 و4 من المادة 37 من القانون العضوي موضوع الإخطار غير مطابقة للدستور". بخلاف ذلك سجل المجلس الدستوري مطابقة جزئية للدستور في المادتين 4 و8 وأعاد صياغتها، فيما أكد مطابقة الفقرة الأولى من المادة 13، واستبدل عبارة في المادة 34 من القانون. كما سجل المجلس الدستوري في الرأي رقم 4 المتعلق بمراقبة مطابقة القانون العضوي الذي يحدد تنظيم اللمجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة وعملهما وكذا العلاقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة، عدم مطابقة المادة 15 من هذا القانون للدستور، وكانت هذه المادة تنص على أنه "يشكل اللمجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة لجانهما الدائمة في إطار نظامهما الداخلي. يمكن كل لجنة دائمة تشكيل بعثة استعلام مؤقتة حول موضوع محدد أو وضع معين يحدد النظام الداخلي لكل غرفة عدد اللجان الدائمة واختصاصاتها والأحكام التي تخضع لها بعثة الاستعلام وفقا لاحكام المادة 134 من الدستور". وعلل المجلس الدستوري رأيه بكون ما تضمنته هذه المادة يعد نقلا من المادة 134 من الدستور. في المقابل أكد المجلس مطابقة 3 أحكام من هذا القانون محل إخطار، وهي المواد 6 ،99 و102 للدستور، ودعا فقط إلى مراعاة التحفظات التي أثارها في تعليلاته، بينما أشار إلى المطابقة الجزئية ل5 أحكام تم إخطارها بها وأعاد صياغتها في القانون. ويتعلق الأمر بعنوان القانون العضوي موضوع الإخطار، حيث تم استبدال عبارة "القانون رقم... المتضمن القانون العضوي رقم..." ب "قانون عضوي رقم..... مؤرخ في... يحدد تنظيم المجلمجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة وعملهما وكذا العلاقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة". كما ترتبط المطابقة الجزئية للدستور التي لفت إليها المجلس الدستوري بالفقرة الأولى من المادة 38، التي جاءت صياغتها الجديدة على النحو الآتي: "يطبق إجراء التصويت دون مناقشة على الأوامر التي يعرضها رئيس الجمهورية على كل غرفة للموافقة عليها وفقا لأحكام الفقرتين الأولى و2 من المادة 142 من الدستور...."، المادة 44 التي تعاد صياغتها بالشكل الآتي: "يرسل رئيس مجلس الأمة أو رئيس اللمجلس الشعبي الوطني حسب الحالة النص النهائي المصادق عليه إلى رئيس الجمهورية في غضون عشرة أيام، ويُشعر رئيس الغرفة الأخرى والوزير الأول بهذا الإرسال"، الفقرة 2 من المادة 51 التي أضيفت لها عبارة: "يمكن مجلس الأمة أن يصدر لائحة"، وأخيرا المادة 20 التي أعيدت صياغتها كما يأتي: "علاوة على الشروط المنصوص عليها في المادتين 136 و137 من الدستور، يرفق كل مشروع أو اقتراح قانون بعرض أسباب ويحرر نصه في شكل مواد". كما نص المجلس الدستوري في رأيه حول موضوع هذا القانون العضوي، على استبدال عبارة "يهدف" بعبارة "يحدد" في المادة الأولى، وإضافة أو قبل عبارة "تم رفضه" في المادة 24، واستبدال عبارة "المادة 85 أدناه" بعبارة "المادة 86 أدناه" في نص المادة 85، وأعاد صياغة التأشيرات الأولى للقانون العضوي مع تأكيد مطابقة النص من حيث الشكل للدستور. وأكد المجلس في سياق متصل، أن الأحكام غير المطابقة جزئيا أو كليا للدستور قابلة للفصل عن باقي أحكام القانون العضوي موضوع الإخطار، فيما تعتبر باقي أحكام القانون العضوي موضوع الإخطار مطابقة للدستور، مع الإشارة إلى أن الآراء الثلاثة التي أصدرها بخصوص القوانين محل الإخطار، يتم إبلاغها لرئيس الجمهورية.