عرفت الأزمة الكونغولية أمس منعرجا خطيرا بعد أن هدد زعيم المتمردين الجنرال السابق لوران نكوندا بالإطاحة بالحكومة الحالية في حال رفضت التفاوض معه بصفة مباشرة. ولم تتأخر السلطات الرسمية الكونغولية في الرد بالسلب على طلبه والإذعان لضغوطه رغم أن قواته أصبحت قاب قوسين أو أدنى من الاستيلاء على مدينة غوما الاستراتيجية في شرق البلاد. وقال لامبير ميندي الناطق باسم الحكومة الكونغولية أن هذه الأخيرة ترفض التفاوض مباشرة مع حركة التمرد التي يقودها لوران نكوندا. وبرر هذا الموقف كون الحكومة لا ترى أي سبب للتمييز بين المجموعات الكونغولية المسلحة ومن منطلق انه لا توجد مجموعات مسلحة كبيرة وأخرى صغيرة" . وكان المسؤول الكونغولي يشير إلى عشرات المجموعات المسلحة التي تمردت على الحكومة المركزية في كينشاسا في شرق البلاد منذ مجازر الإبادة الجماعية التي عرفتها رواندا المجاورة سنة 1994 ضمن حرب شرسة من اجل السيطرة على مناجم الماس على الحدود بين البلدين. وكانت قوات المتمردين في المؤتمر الوطني للدفاع عن الشعب بقيادة الجنرال التوتسي السابق لوران نكوندا وصلت نهاية الأسبوع إلى مشارف غوما عاصمة إقليم شمال كيفو قبل أن يعلنوا وقفا لإطلاق النار أحادي الجانب تم احترامه بشكل عام حتى الآن. واستشعر الاتحاد الأوروبي خطورة هذا التدهور العسكري المفاجئ مما استدعى تنقل وزير الخارجية الفرنسي برنارد كوشنير ونظيره البريطاني ديفيد ميليباند إلى المنطقة في مسعى لوقف المواجهات. يذكر أن زعيم المتمردين التوتسي في شرق الكونغو الديمقراطية سبق وان قاد تمردا عسكريا مماثلا سنة 2004 استولى خلالها على عدة مدن استراتيجية في المنطقة قبل أن تتدخل وساطات افريقية وأخرى أوروبية من اجل تسوية خلافاته مع الحكومة المركزية بالطرق السلمية. وكان المؤتمر الوطني والعديد من الجماعات المسلحة وقعت مع الحكومة نهاية جانفي الماضي اتفاقا لوقف الاقتتال ولكن المعارك اندلعت نهاية شهر أوت الماضي بين متمردي لوران نكوندا والجيش النظامي. وأكدت الحكومة أنها لن تتفاوض إلا في إطار الاتفاق المتوصل إليه في جانفي وهو العرض الذي رفضه المتمردون الذين أكدوا انه اتفاق لم يعد صالحا في ظل التطورات الميدانية التي وقعت مؤخرا. وتسعى المجموعة الدولية إلى الضغط على الفرقاء من اجل تفعيل اتفاقهم الموقع شهر جانفي الماضي وقبله اتفاق الحكومة الكونغولية ونظيرتها الرواندية شهر نوفمبر من العام الماضي والذي نص على إعادة ترحيل اللاجئين الهوتو المقيمين في شرق الكونغو إلى بلدهم الأصلي رواندا. وفي محاولة لاحتواء تردي الأوضاع العسكرية في البلاد يعتزم الاتحاد الإفريقي تنظيم قمة إقليمية بالعاصمة الكينية الأسبوع الجاري من اجل إيجاد مخرج لهذه الأزمة. ويطالب لوران نكوندا الذي نصب نفسه كمدافع عن قبائل التوتسي بإقامة جيش وطني حقيقي وشفافية اكبر في الإشراف على مناجم الماس والذهب محل هذا الصراع وإقامة نظام فيدرالي في البلاد.