تحولت مدينة بومباي ثاني أكبر المدن الهندية نهاية الأسبوع إلى حمام دم في أعنف هجومات نفذها مسلحون مجهولون بالأسلحة الآلية والقنابل والمتفجرات خلفت في آخر حصيلة 130 قتيلا وأكثر من 300 مصاب.وعاشت المدينة التي تعد القطب الاقتصادي الأول ورمز الرفاه الهندي نهاية أسبوع أشبه بالأفلام البوليسية التي تنتجها المدينة ولكنها هذه المرة كانت حقيقة مرة فاجأت أجهزة الأمن الهندية التي لم تكن تتوقع هجوما فعليا وبتلك الطريقة. وحسب شهادات الناجين ومصادر أمنية هندية فإن مسلحين شباب وبوجوه عارية قدموا إلى ساحة تاج محل الشهيرة في قلب المدينة والتي عادة ما يقصدها آلاف السياح الغربيين قبل أن يفتحوا حقائب ظهورهم وأخرجوا أسلحتهم الآلية وبدأوا في إطلاق النار بطريقة عشوائية على كل من يتحرك قبل أن يقتحموا فندقي تاج محل وابيروا الشهيرين في أرقى شوارع المدينة وبدأوا في إطلاق النار وتفجير القنابل. وقالت المصادر أن المهاجمين اقتحموا بعدها مباشرة مطاعم الفندقين وأطلقوا النار على مرتاديها قبل أن يقدموا على احتجاز رهائن وهو ما جعل المدينة تبقى إلى غاية صباح أمس مسرحا لمواجهات متقطعة بالأسلحة الآلية بين القوات الخاصة الهندية والمهاجمين . وحاولت القوات الخاصة الهندية طيلة نهار أمس إطلاق سراح أكثر من مائتي رهينة احتفظ بهم المهاجمون في فندق تاج محل الشهيرالذي عادة ما ينزل فيه ممثلون عالميون ومستثمرون وأثرياء غربيون. وأكد حسان غافور قائد شرطة بومباي أن حصيلة القتلى بلغت بصفة رسمية 130 قتيلا وأكثر من 300 مصاب ثمانية من بينهم يحملون جنسيات ألمانية واسترالية وأمريكية وفرنسية بينما لقي ثمانية مهاجمين مصرعهم في تلك المواجهات. وقالت مصادر أمنية هندية أن المهاجمين الذين بلغ عددهم حوالي 12 مسلحا نفذوا عملياتهم بهدوء تام وأبدوا تحكما في الوضع رغم صغر سنهم وتنفيذهم لعمليتهم بوجوه مكشوفة. وقالت مصادر أنهم قدموا على متن قاربين سريعين وهم محملين بترسانة من الأسلحة الآلية والقنابل والمتفجرات وقد دخلوا إلى المدينة دون أن تتفطن لهم أجهزة الأمن الهندية. وقال أحد الناجين من عمال فندق تاج محل أن المهاجمين الذين يبدو من خلال ملامحهم على أنهم في العشرين من العمر أكدوا أنهم لا يستهدفون إلا الأمريكيين والبريطانيين. وتدخلت القوات الخاصة الهندية أمس من خلال عمليات إنزال جوي لاقتحام الفندقين ومعبد يهودي في المدينة الذي تم فيه احتجاز عدد من الحاخامات اليهود ويكون خمسة منهم قد لقوا حتفهم على أيدي المهاجمين. وتضاربت في بداية العملية الأخبار حول هوية منفذيها قبل أن تعلن جماعة إسلامية غير معروفة تحمل اسم "مجاهدي دوكان" وأكدت في بيان أنها نفذت العملية انتقاما للمضايقات التي يتعرض لها المسلمون في الهند. وشهد الفندقان عمليات تمشيط واسعة في غرف الفندقين في محاولة للعثور عن رهائن آخرين حيث تم تحرير 39 من أصل 200 من نزلاء الفندق كلهم من السياح الأجانب. وقالت مصادر أمنية أن فندق تاج محل تحول إلى ركام بسبب المواجهات وعمليات التفجير بالقنابل والمتفجرات التي استعملها المهاجمون قبل أن تتمكن قوات الأمن الهندية من إخلائه وإرغام المسلحين على مغادرته. يذكر أن الهجوم المسلح الفريد من نوعه استهدف بالإضافة إلى الفندقين ثمانية أهداف استراتيجية كان من بينها معبد يهودي ومستشفى بالمدينة بالإضافة إلى محطة قطارات المدينة. ووجه مسؤولون هنود أصابع الاتهام مباشرة إلى الجارة باكستان مؤكدين أن المهاجمين قدموا من الأراضي الباكستانية وهو ما سارعت إسلام أباد إلى نفيه واستنكرت الهجمات وعبرت عن تعاطفها مع جارتها. وكان الوزير الأول الهندي مانموهان سينغ اتهم أول أمس "أطرافا قدمت من الخارج" بتنفيذ الهجمات ولكنه لم يذكر باكستان بالإسم ولكن وزيره للخارجية الهندي برناب موخرجي أكد أن جهات في باكستان مسؤولة عن الهجمات الإرهابية التي استهدفت بلاده. وتتواصل الاتهامات الهندية في وقت ينتظر فيه وصول مدير المخابرات الباكستانية الجنرال سوجا باشا إلى نيو دلهي للمساعدة في التحقيقات الجارية لتحديد هوية منفذي هجمات بومباي. وقالت مصادر رسمية باكستانية أن الجنرال أحمد سوجا باشا سيتوجه إلى العاصمة الهندية في مهمة لتبادل المعلومات مع الأجهزة الأمنية الهندية وتنسيق التحقيقات لتحديد الجهة التي وقفت وراء المسلحين الذين هاجموا قلب العاصمة الاقتصادية الهندية. وقالت مصادر أمنية أن أحد الإسلاميين المتخندقين في أحد الفندقين أكد في اتصال مع التلفزيون الهندي أن المهاجمين يطالبون بوقف كل المضايقات التي يتعرض لها المسلمون في الهند وإطلاق سراح الإسلاميين المعتقلين في السجون الهندية. وذهبت بعض الأطراف إلى التأكيد أن الهجمات حملت بصمات تنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن.