بعد قرابة أربعة أيام من المواجهات الدامية تمكنت تعزيزات القوات الخاصة الهندية من التحكم في الوضع الامني في مدينة بومباي التي تحولت ارقى ساحاتها واشهر فنادقها منذ مساء الأربعاء الماضي الى مسرح لأعنف المواجهات المسلحة. ولكن عملية التحكم في الوضع كانت باهضة بدليل حصيلة المعارك التي دارت رحاها بين المهاجمين وقوات الامن الهندية والتي بلغت 195 قتيلا وأكثر من 500 مصاب وأكثر من 6000 آخرين تم إنقاذهم من قبضة المسلحين. وزرع هؤلاء طيلة سبعين ساعة كاملة حالة رعب في مدينة بومباي اكبر الأقطاب الصناعية والسينمائية وحتى السياحية في الهند بعد أن هاجموا ساحة تاج محل إحدى اشهر ساحاتها والتي تعج بالسياح ورجال الأعمال الغربيين طيلة أيام السنة. وشهدت المدينة أمس آخر المواجهات بين ما تبقى من المهاجمين وقوات الأمن التي تمكنت من القضاء على آخرهم الذي تخندق في فندق تاج محل الشهير والذي تحول إلى مسرح لمعركة طاحنة استعملت فيها الأسلحة الآلية والقنابل والمتفجرات والطائرات المروحية. وقالت مصادر استخباراتية هندية أمس لم تكشف عن هويتها ان المسلحين الذين يعتقد في انتمائهم إلى جماعة إسلامية متطرفة غير معروفة إلى حد الآن تطلق على نفسها اسم "جماعة مجاهدي دوكان الإسلامية" كانوا تسللوا إلى المدينة قبل شهر كامل بصفة طلبة ولكنهم كانوا يقومون بعملية استطلاع مسبق لأماكن شن الهجمات وتحضير الأرضية لإنجاحها. وقالت المصادر أن فريقا اولا من ثمانية مسلحين استأجروا شقة وتظاهروا على انهم طلبة ماليزيين في وقت كان فيه فريق آخر يقوم بتخزين الأسلحة والذخيرة الضرورية في إحدى شقق الفندق لتنفيذ الهجمات. وأضافت مصادر أجهزة المخابرات الهندية أن الفريق الثالث وصل المدينة مساء الأربعاء بحرا بعد أن تلقوا تدريبات مركزة لتنفيذ هذه المهمة. ومهما تكن دوافع منفذي أدمى الهجمات التي تتعرض لها الهند في السنوات الأخيرة، فإن العملية أخذت أبعادا سياسية على خلفية التوتر بين الهند وباكستان بعد أن سارعت الأولى إلى توجيه أصابع الاتهام إلى جارتها بالوقوف وراء هجمات بومباي. واضطرت السلطات الباكستانية أمس وسط لعبة الاتهامات والنفي من هذا الطرف وذاك إلى إلغاء زيارة رسمية كان مدير أجهزة المخابرات الباكستانية الجنرال احمد سوجا باشا يعتزم القيام بها إلى العاصمة الهندية لتقديم الدعم اللازم في التحقيقات الأمنية الجارية لتحديد هوية المنفذين والجهة التي تقف وراءهم واستبدلته بموظف صغير في جهاز مخابراتها. واضطرت الحكومة الباكستانية إلى عقد اجتماع طارئ لأعضائها أمس لبحث آخر مستجدات الوضع وخاصة بعد الاتهامات العلنية التي وجهها وزير الخارجية الهندي لإسلام أباد بالوقوف وراء الهجمات. وقالت مصادر باكستانية ان الحكومة الباكستانية اضطرت إلى إلغاء زيارة مدير مخابراتها بعد ان تعالت أصوات لسياسيين وعسكريين سامين في الجيش الباكستاني أعابوا على رئيس الحكومة احمد جيلاني إرسال المدير العام لأجهزة المخابرات شخصيا إلى نيو دلهي وفي وقت اتهمت فيه هذه الأخيرة "أطرافا في باكستان" بتدبير الهجمات وتدريب منفذيها.ط وسارعت الحكومة الباكستانية في العديد من المرات منذ تنفيذ الهجمات إلى نفي كل علاقة لها مع الهجمات وأكدت أنها هي ضحية للإرهاب فكيف لها أن تتورط في عمليات هي تحاربها. كما نفت جماعة العسكر الطيبة الكشميرية الانفصالية في غرب الهند كل صلة لها بالهجمات وذهبت إلى حد استنكارها ردا على اتهامات لوسائل إعلام هندية سارعت نهار الخميس إلى تحميل هذه الجماعة مسؤولية الهجمات. وكانت جماعة مجاهدي دوكان نسبة إلى منطقة وسط الهند تبنت هجمات بومباي وبررتها بالاضطهاد التي يتعرض له المسلمون في الهند وطالبت بإطلاق سراح المعتقلين الإسلاميين في السجون الهندية. بينما ذهبت مصادر أخرى إلى تأكيد تورط تنظيم القاعدة في الهجمات بدليل الطريقة التي نفذت بها.