انتفضت ريشة الفنان الجزائري لترسم مأساة شعب محاصر ومذبوح، وتنقل إحساس فنان لا يخاف الدبابة والصواريخ، بقدر ما يأمل في غد مشرق بقهقهات أطفال انتصروا على الجلاد المدجج الناقم على الجمال والحب والحياة. بمبادرة من الاتحاد الوطني للفنون الثقافية، شارك فنانون جزائريون في معرض تشكيلي يحتضنه رواق "محمد راسم" بالعاصمة تضامنا مع أهالي غزة. لم يتردد هؤلاء الفنانون وجاؤوا تلقائيا من كل ولايات الوطن، ليلبوا نداء الضمير ونداء أهل غزة، هم حوالي 60 فنانا أبدعوا في فضح المؤامرة. تضمن المعرض 13 جدارية، كان من المفترض أن تعرض في أحد شوارع العاصمة أو أن ترسم فيها لكن الظروف لم تسمح. استغرقت مدة رسم الجدارية بين ساعتين الى 3 ساعات داخل رواق "محمد راسم" أي في مكان العرض، ومن الأسماء المشاركة نجد كريمة زيداني من باتنة، عيساوي من تندوف، مباركي إيمان من العاصمة، بلمكي من وهران، بن سالم وروابح من برج بوعريريج، وكذا رجاتي من سطيف وغيرهم كثيرون. تنوعت المدارس الفنية عند هؤلاء من الانطباعية الى التعبيرية الى الرمزية، لكنها اشتركت كلها في موضوع واحد، ولم يكن الفاصل إلا في مستوى الإحساس والتفاعل والتعبير المستمد من فظاعة المشهد ومن دم الأطفال الممزوج بدموع الأمهات، أغلب تلك الجداريات صورت الكوفية الشامية الفلسطينية وحمام السلام ودم الشهداء. وحسب السيد عبد الحميد لعروسي، رئيس الاتحاد الوطني للفنون الثقافية، فإن المعرض هو بمثابة موقف يدين العدوان على غزة ويقف ولو معنويا ومن بعيد مع أهلها المحاصرين بالموت والجوع، كما هو صمود وتضامن من الجزائري الأبي الذي لا تقبل إنسانيته هذه الجرائم، بل أكثر من ذلك فإن الفنان والمثقف الجزائري عموما تفطن ومنذ زمن الى المخططات الصهيونية العالمية التي تستهدف الأرض والعرض والهوية، وما استهداف "حماس" إلا كذبة مفضوحة لعمليات أوسع تستهدف كل فلسطين وكل العرب والمسلمين، المطالبين الآن أكثر من أي وقت مضى بالتصدي لهذه المخططات والاستفاقة من السبات الذي يؤدي الى الهاوية. وأضاف لعروسي وبعبارة "سنقتل كما قتل الثور الأبيض"، وعلى الجماهير أن تسترجع روحها "الحمية" ونضالها لنصرة القضايا العادلة. إن موقف الفنانين الجزائريين ليس ضد اليهود في حد ذاتهم، بل بالعكس، يرى لعروسي أن الموقف سيكون نفسه إذا ما قتل أو شرد أطفال يهود لا ذنب لهم، فالإنسانية والحق لا يأخذان في الاعتبار الجنس أو اللون والدين فكلنا بشر. للإشارة، فإن موقف الفنانين الجزائريين سواء من خلال هذا المعرض أو من خلال بيان التنديد، حرك الأوساط الثقافية والفنية، خاصة التشكيلية في دول المغرب العربي وفي المشرق كالأردن ومصر، التي اعترفت بأهمية هذه الوقفة لتساندها وتنظم بدورها نشاطاتها الخاصة أو العربية، كما تحاول حاليا مصر تنظيم مؤتمر غزة بمشاركة الفنانين والمثقفين العرب.