أحيت ولاية باتنة، أول أمس، الذكرى 56 لاقتحام وتدمير مركز الجيش الاستعماري الفرنسي ببلدية معافة بدائرة عين التوتة، من طرف جيش التحرير الوطني، ليلة 30 ماي 1956. واستُهلت الاحتفالات المخلدة لهذه الذكرى التي احتضنتها قرية الشهيد مسعود مذكور المدعو الغالي ببلدية معافة، بقراءة فاتحة الكتاب على أرواح الشهداء، ثم وضع باقة من الزهور على المعلم التذكاري الشاهد على هذه الملحمة التاريخية بالمنطقة، تحت إشراف رئيس دائرة عين التوتة محمد أمزيان، وبحضور أعضاء من المجلس الشعبي الولائي، ومديرين تنفيذيين بمعية الأسرة الثورية وجمعيات المجتمع المدني بدائرة عين التوتة. وتم التأكيد في كلمة الذكرى، بالمناسبة، على أهمية هذه المحطة من كفاح الشعب الجزائري ضد المستعمر الغاشم بمنطقة الأوراس، والتي جاء فيها أن عملية اقتحام وتدمير المركز العسكري للعدو الفرنسي بمعافة، خطوة هامة لجيش التحرير الوطني في تلك الفترة، لكسب مواقع استراتيجية، بغية ضرب الاستعمار، الذي أقام هذا المركز لتشديد الخناق على الثورة بمنطقة الأوراس، ورصد تحركات المجاهدين بالمنطقة. واستحضر المجاهد الصالح بوزيدي، أحد المتبقين من المجاهدين الذين شاركوا في الهجوم على المركز واقتحموه منذ 66 سنة، العملية التي هزت، آنذاك، كيان العدو، ودفعته إلى عقد جلسة أمنية طارئة تحت وطأة خسائر فادحة، إذ تمكنت مجموعة من المجاهدين في هذه العملية منتصف ليلة 30 ماي 1956، من الهجوم على المركز، وتحطيمه كلية بقيادة المجاهد المرحوم سي الصالح زيداني بالتنسيق من داخل المركز، مع الشهيد صالح نزار. وذكّر بالخسائر الهامة التي أُلحقت بالعدو في عملية تدمير مركز الجيش الفرنسي بمعافة، يوم 30 ماي 1956. يُذكر أن الحادث تداولته وسائل الإعلام الفرنسية وقتها، بحسرة كبيرة، وتناقلته العديد من القنوات الإذاعية آنذاك، على غرار "صوت العرب"، حيث قُتل، حوالي، 40 جنديا فرنسيا، من بينهم ضابط برتبة ملازم أول، والتحق 17 عسكريا من المجندين الجزائريين بالجيش الفرنسي بصفوف الثورة، فضلا عن الغنائم الحربية من كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة، وقطعتي مدفع هاون، وثلاث رشاشات من نوع 24/29، وحوالي 100 قطعة سلاح حربي من نوع فيزي ماص، وماط 49، وثلاثة أجهزة إرسال لا سلكي، وكمية كبيرة من القنابل اليدوية. واستشهد في العملية أربعة مجاهدين، وهم حسن الجيجلي، وعلي عرعار، والطاهر مهماهي، ومسعود بلاندي. أما الشهيد الخامس ويتعلق الأمر بمذكور مسعود فقد استُشهد في وقت لاحق متأثرا بجروحه البليغة بقرية بربار، حيث نُفذت الخطة بإحكام مع مجموعة من المجاهدين وكان عددهم 32 جنديا. وتمت عملية الاقتحام بواسطة 8 مجاهدين، من بينهم المجاهدان المرحوم صالح زيداني، وصالح بوزيدي الذي مايزال على قيد الحياة بعد التخلص من أحد الحراس. وكان قد أبلغ بذلك الشهيد زكور عمر ليتولى، بدوره، إخبار قادة الجيش بواسطة زكور إسماعيل بن عمار. وتم تنفيذ العملية، حسب الخطة المتفق عليها، مع نزار صالح، الذي قال في شأنه سي الصالح زيداني: "لقد ساهم، فعلا، في خدمة الثورة. ولا داعي للتشكيك في جهاده". وجرت عملية الاقتحام في وجود الشهيد نزار صالح، وقسمون مختار، هذا الأخير من المجندين الفرنسين الذين قدّموا الدعم اللازم في هذه العملية، وكان ذلك في حدود الساعة الواحدة صباحا، وكانت ساعة واحدة كافية لصنع هذه الملحمة البطولية. وقد عرفت المناسبة تكريم مجموعة من مجاهدي المنطقة، منهم أحمد منور، ورشيد زيداني، وعلي حربوش، ومسعود بوجمعة، وبعض الفرق الرياضية، والجمعيات المشاركة في هذه الاحتفالات المخلدة لهذه الذكرى.