ما يزال الحديث عن داء الفشل الكلوي وتحسيس المجتمع الجزائري بالتبرع بالأعضاء موضوع ملتقيات وطنية وأخرى جوارية تنظم بين الفترة والأخرى لتحسيس المجتمع أولا بأهمية الوقاية كأفضل حل لتفادي أي مرض كان، وخاصة الثقيل منه الذي يستنفذ على السواء صحة المصاب وميزانية الدولة، مثلما هو الشأن بالنسبة للقصور الكلوي، وكان آخر ملتقى للجمعية الجزائرية لأمراض وفشل الكلى قد انتظم بمدينة بومرداس مؤخرا إحياء لليوم الوطني للتبرع بالدم، الذي كشف خلاله رئيس الجمعية البروفسور ريان عن هدف توزيع مليون بطاقة متبرع عبر كامل الوطن مع نهاية العام الجاري. وتشير المعطيات الإحصائية إلى أن الفشل الكلوي يصيب 3 آلاف جزائري، أي بنسبة إصابة تصل 327 مريضا معالجا لكل مليون ساكن بالجزائر، كما أن معدل الإصابة بأمراض الكلى ومنها الفشل الكلوي المزمن يتراوح ما بين 4000 و4500 حالة إصابة ثابتة سنويا، في الوقت الذي تشير فيه الإحصائيات إلى احتمال إصابة ما بين 5 و6 ملايين جزائري بأمراض الكلى من دون علمهم. وكشف لنا البروفسور طاهر ريان أخصائي أمراض الكلى بمستشفى "بارني" والأمين العام للجمعية الجزائرية لأمراض وفشل الكلى على هامش ذات الملتقى أنه يسجل نقص كبير في الجمعيات الوطنية المهتمة بموضوع التبرع بالاعضاء، والتي تهتم بتنظيم الحملات التحسيسية والتوعوية حول ذات الموضوع بما في ذلك التبرع بالدم والكلى أيضا، وحسب إحصائيات البروفسور فإن هناك حوالي 8 آلاف جزائري في انتظار تبرع بعضو، وعلى رأس القائمة الكلى بالنسبة لمن يعاني فشلا في أداء هذا العضو لمهمته في تصفية الدم، أما مرضى السكري فإنهم بحاجة إلى عملية زرع كلى وبنكرياس، ومن الصعب جدا توفير هذه الاعضاء إلا عن طريق التبرع من الموتى، وهي المسألة التي بقيت تراوح مكانها منذ بعث المشروع من طرف وزارة الصحة في 2001، حيث لم نسجل أي تقدم ملحوظ في هذه النقطة بسبب أن العائلة الجزائرية تقدس موتاها وترفض بشدة مسألة نزع أعضائهم بعد موتهم دماغيا" يقول البروفسور، موضحا أن الموت الدماغي يمثل في حوادث المرور ما نسبته 10?، وهو ما يعني إمكانية أخذ أعضاء الميت وزرعها في جسم مريض محتاج لعضو، كما أنها المسألة التي فصل فيها القانون الجزائري والفتاوى الدينية، إلا أن العراقيل الكبيرة تسجل على مستوى الأسر والمواطن الجزائري في حد ذاته، ويرى البروفسور أن حمل بطاقة المتبرع ضمن الأوراق الثبوتية للمعني الذي يوافق في حياته على التبرع بأعضائه بعد موته من شأنه التقليل كثيرا من هذه العراقيل، والأكثر من ذلك أن توافق وزارة الداخلية على إضافة هذه النقطة على بطاقات التعريف الوطنية ولكل مواطن جزائري الحرية الكاملة في الاختيار بين أن يكون متبرعا أم لا، وتسعى الجمعية الجزائرية لأمراض وفشل الكلى إلى توزيع حوالي مليون بطاقة تبرع مع نهاية 2009 الجاري، وهذا بالتنسيق مع عدة قطاعات وزارية، يؤكد البرفسور. وتشكل أمراض الكلى بالجزائر نقطة سوداء في الصحة العمومية، كون المصاب بأي نوع من أنواع هذه الأمراض باستطاعته الوصول إذا لم يتم التكفل الحسن به إلى مرحلة القصور الكلوي المزمن، كما تشير الارقام أيضا إلى أنه يعيش حاليا 839 جزائريا بكلية مزروعة، مع الاشارة إلى أن عمليات التبرع تتم أساسا بين أفراد الاسرة الواحدة والمقربين عامة مع تسجيل عجز في ترقية مسألة التبرع من الموتى. وتكلف دورات التصفية الدموية لداء القصور الكلوي المزمن خزينة الدولة الملايين، علما أن دورة واحدة لتصفية الكلى بمستشفى القطاع العام بالنسبة للمصاب الواحد محدد ب 7 آلاف دينار مضروبة في ثلاث مرات أسبوعيا و52 دورة سنويا وحوالي 10 آلاف دينار في العيادات الخاصة، ما يعني تكلفة إجمالية تتراوح ما بين 40 و60 مليون دولار، أي بنسبة 2.25 بالمائة من الميزانية السنوية المخصصة لقطاع الصحة، وإذا تمت عملية الزرع تنخفض هذه الكلفة إلى 20 بالمائة.