تمثّل مسرحية "لغة الأمهات" للمخرجة صونيا المأخوذة عن نص ألكسيس دارنيس واقتباس الكاتب العراقي قاسم محمد ومراجعة الشاعر بوزيد حرز الله، المسرح الوطني الجزائري في الدورة الثالثة عشر لأيام قرطاج المسرحية من 30 نوفمبر إلى 8 ديسمبر 2007، والتي تنتظم هذا العام تحت شعار "المسرح إرادة الحياة"· "لغة الأمهات" التي تدوم ساعة وعشر دقائق، دراما عربية تحرّك شخوصها كلّ من رانيا سيروتي وتونس آيت علي، وتدور أحداثها في قالب تراجيدي عن والدة تبذل المستحيل من أجل إنقاذ ابنها من حبل المشنقة بعد وقوعه أسيرا في قبضة القوات المحتلة، فلا تتردّد الأم المفجوعة في ابنها لحظة في انتهاج كلّ السبل، بما في ذلك الاتصال بالأم الأخرى التي يقع ابنها هي الأخرى أسيرا عند المقاومين، فتتفق المرأتان على تنظيم عملية لتبادل الأسيرين، فكان العرض شكلا من أشكال التنديد بما تتعرض له النساء أثناء الحروب على غرار ما تعيشه الفلسطينيات والعراقيات· العرض المقدّم باللغة العربية الفصيحة الذي يرفع شعار "متّحدون سنقف·· متفرّقون سننهار"، يعدّ وقفة عند لغة الأمهات التي وإن اختلفت الألسن، فإنّها تظلّ واحدة داعية إلى السلم والمحبة· وعن المسرحية أشارت السيدة صونيا التي خاضت بمسرحية "لغة الأمهات"، سادس تجربة مسرحية لها، لمجلة "البهجة": "في الأصل المسرحية يحرّكها 28 ممثلا، لكن الأستاذ قاسم محمّد حوّلها ولخّصها في شخصيتين قويتين، ثالثهما الهاتف الذي يلعب دورا أساسيا"·· أمّا عن النظرة التي تحملها للعمل فتشير إلى أنّ الإخراج التراجيدي ليس بالشيء السهل، قائلة: "لا أسعى إلى إضحاك الناس وإنّما إلى إدخالهم إلى عالم المأساة والتراجيديا في ديكور يوحي بمدينة تعيش تحت الأنقاض"· الدورة 13 لأيام قرطاج المسرحية تضم ثلاثة أقسام أولها قسم "الحضور"، ويحتوي على عروض مختارة من تونس والعالم العربي وإفريقيا وثانيها قسم "الانفتاح"، ويستضيف فرقا من أوروبا آسيا للاطلاع على التجارب المغايرة في العالم مع برمجة بعض الأعمال القريبة من المسرح فنا وتعبيرا، أمّا ثالث الأقسام فهو قسم "بانوراما المسرح التونسي"، وتعرض فيه مسرحيات منتقاة من إنتاج 2006 و2007 · كما تستضيف الدورة الجديدة الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش، الذي قال عنه مدير أيام قرطاج المسرحية الفنان محمد إدريس، لوكالات الأنباء، أنه شاعر الإنسانية· مضيفا أنّ الشعر والمسرح من الفنون القريبة والمتكاملة التي تلعب دورا هاما في الارتقاء بالفكر وفي صحوة الضمائر وتقريب الشعوب وتأصيل قيم التسامح والحوار، أمام ما يشهده العالم من أزمات ونزاعات مؤلمة· معتبرا أنّ المسرح بإمكانه استيعاب جميع الفنون والتقنيات الحديثة· وباستفسار مدير الدورة عن مقاييس اختيار الأعمال المسرحية في المهرجان، أفاد بأنّها تخضع لتقييم لجنة الانتقاء التي تسعى إلى إيجاد أعمال قريبة شكلا ومضمونا من المحور الأساسي للدورة، وهو "إرادة الحياة"· مؤكّدا في نفس الوقت، أنّ أيام قرطاج المسرحية ليست سوقا للبيع والترويج، بل هي فرصة للمسرح الجاد والمتطوّر لفتح أبواب الحوار وترشيد العلاقات الفنية والبشرية وتقديم الإفادة للارتقاء بالأذواق والأفكار·· لذلك يقول محمد إدريس، لا مكان للأعمال التي تحيد عن توجهات الفكرة الأساسية والهدف من تأسيس هذه التظاهرة الدولية· وعن مستقبل المسرح وأيام قرطاج المسرحية في خضم التقدم التقني والتكنولوجي الحديث، أجاب محمد إدريس، أنّ المسرح يبقى دائما رحبا للإبداع وللطاقات الفنية، مثل المؤلف والتقني والممثل· مشيرا إلى حضوره والحاجة إليه حتى في أكثر المجتمعات تقدّما·· ومعتبرا تطوّر القطاع المسرحي وثراء التجارب المسرحية في تونس، دليلا على حيوية المجتمع المدني· *