على غير ما جرت عليه العادة فإن التلفزيون الجزائري هذه السنة لم يربط بثه لافلام الثورة الجزائرية بمناسبة الاحتفالات بعيد 1 نوفمبر بل سبق البث هذه المناسبة بأسابيع ولا يزال مستمرا إلى اليوم في سهرة كل مساء خاصة على الفضائية الثالثة. هكذا فتح التلفزيون خزانة الارشيف المليئة بالدرر السينمائية التي انجزت أيام عز السينما الجزائرية والتي من الواجب عرضها على جيل لم يشهد عروضها الأولى. الملاحظ أن كل ما قدم كان من الروائع (السينمائية والتلفيزيونية) والتي انجزت في عقدي الستينيات والسبعينيات من أمثال"الليل يخاف من الشمس" و"العفيون والعصا" و"ابناء القصبة" و"بني هندل" وغيرها مما عرض وما سيعرض، ولعل ذلك راجع إلى أن أفلام هذه المرحلة هي الأقدر على ترجمة واقع وتاريخ الثورة ولم تستطع الانتاجات اللاحقة والراهنة أن تنافسها في رصيدها الثقيل بل أن مخرجي بعض هذه الروائع عجزوا على أن يأتوا بمثلها فيما بعد رغم توفر أحدث تقنيات التصوير والاخراج. لا نزال نتذكر سؤالا طرحته "المساء" على واحد من أشهر مخرجي هذه المرحلة وكان حول امكانية اخراج مثل هذه الروائع في أيامنا فأجاب بتحد "طبعا أمر ممكن" لكن الأيام أظهرت أن أضخم أعمال هذا المخرج والمنجزة أخيرا لم ترق لرائعته السينمائية التي ابدعها في نهاية الستينيات. هكذا تبقى السينما تراثا يتعدى حدود الفن السابع ويتعدى قواعد الصناعة وتقنياتها لتكتمل فيها عوامل الهوية والانتماء والايديولوجيا والاقتناع وإلى ترجمة التاريخ برؤية من صنعوه وعايشوه.