شددت الأجهزة الأمنية المغربية إجراءات حصارها الذي فرضته حول منزل المناضلة الحقوقية اميناتو حيدر منذ عودتها إلى مدينة العيونالمحتلة الجمعة الأخير وجعلت محيط منزلها "منطقة محرمة" على المواطنين الصحراويين والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين. وذكرت مصادر صحراوية من الأراضي المحتلة أن السلطات المغربية قامت بإغلاق كل المنافذ المؤدية من وإلى منزل المناضلة الحقوقية وأقامت متاريس تحرسها عناصر الشرطة في كل شوارع وأحياء المدينة لمراقبة كل التحركات. وأكدت أن عناصر الشرطة والقوات المساعدة ورجال السلطة بمختلف أجهزتها تقوم على مدى 24 ساعة بتوقيف المواطنين الصحراويين في مدينة العيون ومطالبتهم ببطاقات التعريف وتسجيل أرقام سياراتهم بهدف "فرض السيطرة التامة على المنطقة وزرع الرعب والخوف في صفوف المواطنين الصحراويين". وبالرغم من احتجاج المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان على هذه الانتهاكات المرتكبة من قبل عناصر الشرطة المغربية والتي تستهدف في مجملها المس بحقهم في لقاء الصحافة الدولية والتنديد بالحصار البوليسي والإعلامي على المنطقة فإن السلطات المغربية وعلى أعلى مستوى تظل تخضع المدينة إلى حالة الطوارئ والتطويق الأمني الشديد. وفي سياق تداعيات قضية اميناتو حيدر مازالت تبعات عملية احتجازها في مطار لانزاروتي لأكثر من شهر وقرار الرباط المفاجئ بالمساح لها بالعودة يثير جدلا متزايدا في أوساط الطبقة السياسية الإسبانية التي أجمعت على التنديد بموقف الحكومة الإسبانية التي وقعت في أسر الموقف المغربي. وقد اضطر الحزب الاشتراكي الإسباني الحاكم إلى التدخل أمس والتقليل من أهمية تصريحات رئيس الحكومة خوسي لويس ثباتيرو المنتمي إلى هذا الحزب والتي اعترف فيها ببسط القانون المغربي على كل أقاليمه بما فيها الصحراء الغربية رغم أنها إقليم خاضع لعملية تصفية الاستعمار وتحت إشراف الأممالمتحدة. وأكدت فاليري باخين أمينة التنظيم بالحزب الاشتراكي الاسباني أن اسبانيا لم تعترف أبدا ب"السيادة المغربية" على الصحراء الغربية وأن موقف مدريد إزاء قضية الصحراء الغربية "كان وسيظل البحث عن الحل النهائي والعادل الذي يمكن الشعب الصحراوي من حق تقرير المصير وفقا لقرارات الأممالمتحدة". وكانت الحكومة الصحراوية استنكرت تصريحات رئيس الحكومة الاسبانية خوسي لويس ثاباتيرو ووصفتها ب"المراوغة وغير الواضحة" بخصوص مسؤوليات اسبانيا في استكمال تصفية الاستعمار بآخر مستعمرة بإفريقيا. وأدانت العديد من الأحزاب السياسية وجبهة البوليزاريو في العاصمة مدريد "الخطاب المزدوج" للحكومة الاسبانية إزاء القضية الصحراوية و"تنازلاتها" للمغرب من أجل عودة المناضلة الصحراوية اميناتو حيدر إلى الصحراء الغربية بعد أكثر من شهر من الإضراب بمطار لانزاروتي بجزر الكناري. وندد خوان ريدادو رئيس اليسار الجمهوري الكتالاني ب"اللهجة المزدوجة" التي تضمنها الاتفاق بين الحكومتين الاسبانية والمغربية حول عودة المناضلة الصحراوية حيث اعتبر أن هذه الوثيقة تتضمن "قبولا ضمنيا" للشرعية المغربية على الصحراء الغربية قد ينقلب على الحكومة الإسبانية. وأكد على مسؤولية اسبانيا في هذا النزاع والتي "لا تزال قائمة منذ اتفاقيات مدريد سنة 1975" والتي تنازلت إثرها عن هذه المستعمرة لصالح المغرب. وذكر في نفس السياق بأن مصالح إسبانيا بالمنطقة خاصة استغلال الفوسفات وحقوق الصيد البحري "لا يمكن أن تنسيها التزاماتها الدولية" مضيفا أن "عدم إحراج الصديق أو ابن العم المغربي لا يمكن أن يكون على حساب مصير الشعب الصحراوي". وفي نفس سياق هذه اللهجة أكدت كلودينا موراليس زعيمة الائتلاف الكاناري أن حزبها "لن يقبل أبدا بمنح الحكومة الإسبانية مقابلا يخدم المغرب كشرط لعودة المناضلة أميناتو حيدر إلى العيون بالصحراء الغربية". وأضافت إننا "لن نقبل باستسلام الحكومة (الإسبانية لابتزاز هذا البلد من أجل تمكين الحقوقية الصحراوية العودة إلى ذويها طبقا لاحترام الشرعية الدولية وحقوق الانسان". وانتقد رئيس الحكومة الجهوية لجزر الكناري باولينو ريفيرو الطريقة التي سيرت بواسطتها الحكومة الاسبانية قضية حيدر واتهم الحزب الاشتراكي (الحاكم) "بالخطاب المزدوج". وأكد أنه سيعرض لائحة على البرلمان يطالب من خلالها بحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره. أما ماريا دولوريس دي كوسبيدال الأمينة العامة لحزب الشعب (قوة المعارضة الرئيسية) فقد تأسفت من جهتها لما ورد في بيان الحكومة الإسبانية مؤكدة أنه لم يسبق لاية حكومة إسبانية أن "اعترف بأي سيادة للمغرب على الصحراء الغربية حتى اليوم". وأضافت "إنها المرة الأولى التي حصل فيها هذا الأمر وحملت ثباتيرو مسؤولية هذا الانزلاق". وكان رئيس حزب الشعب ماريانو راخوي قد أقام علاقة بين تسوية قضية حيدر والتنازلات التي تكون الحكومة الإسبانية قد قدمتها لصالح المغرب بشأن اتفاقها الفلاحي مع الاتحاد الأوروبي. واتهم ممثل جبهة البوليزاريو في إسبانيا محمد خداد رئيس الحكومة الاسباني بدعم احتلال الصحراء الغربية من قبل المغرب وانتهاك حقوق الإنسان من خلال الاعتراف بالتشريع المغربي على الأراضي الصحراوية إلى غاية إيجاد حل للنزاع. واعتبر خداد أن الحكومة الإسبانية منحت المغرب "صكا على بياض" كمقابل لإيجاد حل لإضراب أميناتو حيدر عن الطعام ووصف ذلك بمثابة تشجيع للاحتلال المغربي وانتهاكات حقوق الإنسان" واتهم الحكومة الاشتراكية ب"الرضوخ للابتزاز المغربي وتقديم "تنازلات خطيرة" للرباط على حساب حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره. وأشار المسؤول الصحراوي إلى أن حكومة ثاباتيرو بهذا الموقف تكون قد انحرفت عن الموقف التقليدي لاسبانيا إزاء الشعب الصحراوي من خلال الرضوخ للأطروحات المغربية حول الصحراء الغربية شأنها في ذلك شأن فرنسا.