ربطت جبهة البوليزاريو مشاركتها في أية مفاوضات مقبلة مع المغرب برعاية أممية بضرورة توفير الظروف المناسبة لإنجاح أي مسعى في هذا الاتجاه تكون نتيجته النهائية تمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره.ووضعت جبهة البوليزاريو مثل هذا الشرط رغم تجديد تأكيدها على استعدادها إبداء "تعاون بناء" من جانبها لأي خطوة يقوم بها المبعوث الأممي إلى الصحراء الغربية كريستوفر روس. وأكدت جبهة البوليزاريو بعد اجتماع أعضاء أمانتها العامة برئاسة الرئيس محمد عبد العزيز مخاوفها من عدم توفر الطرف المغربي على الإرادة اللازمة لإنجاح مساعي الموفد الأممي إلى الصحراء الغربية وهو ما جعلها تدعو الأممالمتحدة إلى تحمل مسؤوليتها في تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية من خلال ممارسة مزيد من الضغط على الرباط لاحترام حقوق الإنسان ولوائح الأممالمتحدة الخاصة بإنهاء النزاع الصحراوي. وحثت الأمانة العامة لجبهة البوليزاريو الأممالمتحدة على "فرض عقوبات مختلفة على المغرب وممارسة ضغوط متزايدة عليه لدفعه إلى احترام تطبيق لوائح مجلس الأمن الدولي الداعية إلى تقرير مصير الشعب الصحراوي وحمله على الدخول في جولة المفاوضات القادمة دون شروط مسبقة". وكان بيان الأمانة العامة لجبهة البوليزاريو يشير إلى الموقف المغربي الرافض للتفاوض حول البدائل الأخرى المطروحة على طاولة المفاوضات من غير طرحه القاضي بفرض الحكم الذاتي على الشعب الصحراوي. وكان ذلك سببا مباشرا في إفشال أربع جولات من المفاوضات المباشرة بين الرباط وجبهة البوليزاريو التي جرت في منتجع مانهاست الأمريكي مابين شهري ماي 2007 ومارس 2008. يذكر أن مصادر الأممالمتحدة سبق لها أن أكدت قبل أسبوع اعتزام الموفد الأممي إلى الصحراء الغربية كريستوفر روس تنظيم جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة بين جبهة البوليزاريو والمغرب في تاريخ ومكان لم يتم تحديدهما بعد. وكانت آخر جولة من هذه المفاوضات غير المباشرة تمت في العاشر أوت الماضي بعد جولة قادته إلى عواصم المنطقة شهر جوان الماضي ولكن تلك المفاوضات بقيت تراوح مكانها بسبب التعنت المعلن الذي أبداه المفاوضون المغربيون وتمسكهم بفكرة الحكم الذاتي على أنه الحل الأمثل في الصحراء الغربية ورفضهم كل حديث عن فكرة تقرير المصير بدعوى أنها فكرة تجاوزها الزمن. ولم يكن لقيادة جبهة البوليزاريو أن تعلن عن موقفها هذا دون أن تثير قضية انتهاكات حقوق الإنسان منذ اعتقال سبعة نشطاء حقوقيين وإحالتهم على محكمة عسكرية منذ بداية شهر أكتوبر وكذا مسلسل المناضلة الحقوقية اميناتو حيدر وما عانته في مطار لانزاروتي الاسباني لأكثر من شهر كامل والمضايقات التي يتعرض لها نشطاء القضية الصحراوية في المدن المحتلة منذ أن عادت هذه المناضلة إلى ذويها في مدينة العيونالمحتلة. وشهدت وضعية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية تدهورا خطيرا منذ أن أعطى الملك محمد السادس إشارة خضراء لأجهزته الأمنية في السادس نوفمبر الماضي بمناسبة الذكرى الرابعة والثلاثين لاحتلال الصحراء الغربية بقمع كل صوت صحراوي مطالب بتقرير المصير والاستقلال بقوة الحديد والنار بدعوى أن ذلك يعد خطا أحمر لا يجب لأي كان تجاوزه. يذكر أن موقف جبهة البوليزاريو جاء عشية استلام اسبانيا للرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي إلى غاية نهاية شهر جوان القادم وهو ما جعل السلطات الصحراوية لا توفت هذه المناسبة لمطالبة مدريد بتحمل مسوؤلياتها التاريخية والأخلاقية وحتى القانونية من أجل إنهاء هذا النزاع الذي اختلقته إسبانيا سنة 1975 وكان بإمكانها حينها أن تعمل على تصفية الاستعمار من آخر المستعمرات في القارة الإفريقية بدلا من افتعال أزمة مازالت تداعياتها الإقليمية قائمة إلى حد الآن. يذكر أن الطبقة السياسية الإسبانية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ثارت على الطريقة التي تعاملت بواسطتها حكومة الاشتراكي خوسي لويس رودريغيث ثباتيرو مع أزمة المناضلة الحقوقية اميناتو حيدر واتهمتها بالتساهل مع الرباط على حساب حقوقية مسالمة وبهدف تحقيق مكاسب اقتصادية ظرفية لم تجلب لاسبانيا في النهاية سوى استنكار المجموعة الدولية واستهجان مواقفها المتواطئة مع الحكومة المغربية وإرضاء لنزوة توسعية على حساب حقوق ومصالح شعب بأكمله.