أرجع السيد عبد المجيد شيخي المدير العام للمركز الوطني للأرشيف الاختلافات في الروايات المتداولة حول اتفاقيات ايفيان والوفد الذي تفاوض فيها إلى عدم قراءة هذه الاتفاقية وفهمها بدقة، موضحا أنه من غير المنطقي أن نحكم على هذه الاتفاقيات قبل قراءتها وذلك في رده على الجهات التي تشكك في قدرة الوفد الجزائري آنذاك على التفاوض رغم شهادة الجميع بالعبقرية التي أظهرها في التفاوض والتي مكنت من تحقيق استقلال الجزائر وعودة سيادتها رغم أن الوفد الجزائري الذي قاد هذه المفاوضات لم يتخرج من مدارس ومعاهد للدبلوماسية. وأشار السيد شيخي خلال الندوة التي نظمتها جريدة المجاهد حول 'اتفاقيات ايفيان" أمس إلى أن هذه الاتفاقيات التي أعادت السيادة للجزائر بعد 132 سنة من الاحتلال الفرنسي طرحت بشأنها عدة تساؤلات بالرغم من نتائجها، وهو السياق الذي أضاف من خلاله المتحدث أن القراءات التي تناولت اتفاقيات إيفيان منذ 1962 إلى اليوم يغلب عليها الطابع الانتقادي وليس النقدي، لذا لابد من فهم القرارات في سياقها الزمني والتاريخي والرجوع إلى الظروف المحلية والدولية التي تزامنت والمفاوضات لفهم المسار الحقيقي للمفاوضات التي حققت الأهم وهو استرجاع الوحدة الترابية والسيادة على الأراضي الجزائرية كما ما جاء في بيان 1 نوفمبر التاريخي على حد تعبيره. وهي المناسبة التي تطرق من خلالها السيد شيخي الى مسار وأبعاد وخبايا مفاوضات هذه الاتفاقية. وأضاف المتحدث في رده على من يقول أن الكثير من الضمانات التي منحت في إطار اتفاقية ايفيان سقطت، أن هذه الضمانات فعلا سقطت لعدم جدواها باعتبارها ضمانات تتعلق بالأشخاص وبالتالي لم تطبق لأن هؤلاء الأشخاص الفرنسيون غادروا الجزائر ولم يريدوا البقاء فيها مباشرة بعد التوقيع على هذه الاتفاقية. وأرجع المدير العام للمركز الوطني للأرشيف هذه الضمانات التي منحها الطرف الجزائري لنظيره الفرنسي آنذاك للضغوط التي كان يواجهها على المستوى الداخلي والخارجي. علما أن بعض الأطراف اتهمت الوفد الجزائري المتفاوض آنذاك برضوخه لشروط فرنسا وتقديم العديد من التنازلات. غير أن المتحدث أضاف أن ما كان يتداول في دوائر صنع القرار الفرنسي لم يكن سهلا، لأن فرنسا عملت المستحيل من اجل عدم التخلي عن الجزائر التي كانت تعتبرها جزءا لا يتجزأ من فرنسا. لكن المهم من كل هذا هو نجاح الوفد الجزائري في تحقيق هدفه وهو تحقيق استقلال الجزائر والوصول إلى تنظيم استفتاء لتقرير المصير قال فيه الشعب الجزائري كلمته رغم انه (الشعب ) لم يكن ينتظر هذا الاستفتاء للتعبير عن رغبته في الاستقلال، بل ناضل وصمد طيلة 132 سنة من الاحتلال وحارب واستشهد طيلة سبع سنوات ونصف، لذا "فلابد من أن نوضح للطرف الفرنسي بأن حريتنا أخذناها ولم تعط لنا" . وتم خلال هذه الندوة تقديم شهادات حية حول نضال المجاهد كريم بلقاسم الذي أوكلت له مهمة التوقيع على اتفاقيات ايفيان وذلك بحضور بعض أفراد عائلته وبعض رفاقه أثناء الثورة. حيث دعا السيد أحمد كريم بلقاسم ابن المجاهد كريم بلقاسم على أهمية كتابة التاريخ بكل تفاصيله وسلبياته وإيجابياته للأجيال الصاعدة حتى يتسنى لها الوقوف في وجه كل من يريد تشويه هذه الحقائق والإساءة لرموز الثورة وأبطالها. وتوقفت بعض الشخصيات التي عرفت المناضل كريم بلقاسم عند مساره التاريخي كقائد للناحية التاريخية ودوره في الحركة الوطنية والتحضير لثورة الفاتح نوفمبر وكذا مؤتمر الصومام عام 1956، وصولا إلى الحكومة المؤقتة وإلى غاية اغتياله بعد الاستقلال سنة 1970 بمدينة فرانكفورت الألمانية. وقامت جريدة "المجاهد" بالتنسيق مع جمعية مشعل الشهيد في هذه المناسبة المصادفة ليوم النصر بتكريم عائلة المناضل كريم بلقاسم المتمثلة في ابنتيه وابنه.