يشد اليوم اللبنانيون أنفاسهم مخافة حدوث انزلاقات أمنية بمناسبة احياء الذكرى الثالثة لاغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري على خلفية تهديدات قوى الأكثرية الحاكمة بالذهاب إلى أعنف الوسائل لحسم الأمر مع المعارضة· وكان الخطاب السياسي بين أطراف المعادلة السياسية اللبنانية تطور أياما قليلة قبل حلول ذكرى اغتيال الحريري باتجاه التصعيد، ومن مجرد التصريحات والتصريحات المضادة إلى التهديد باستعمال السلاح·وكانت تصرحيات وليد جنبلاط رئيس الحزب الاشتراكي حول استعداد قوى 14 مارس المناهضة لسوريا للمواجهة المسلحة بمثابة القطرة التي أفاضت كأس العلاقات المتوترة بين الجانبين· وهو الموقف الذي جدده سعد الحريري زعيم تيار المستقبل وردت عليه المعارضة باستعدادها للمواجهة في مؤشر إلى أن لبنان أصبح على فوهة بركان قد ينفجر في أية لحظة·وضمن هذه التطورات أبدت قيادة الجيش اللبناني التي تبقى رمز الوحدة الوحيد في لبنان تخوفها من حدوث انفلات للأمور خلال التظاهرة التي تنظمها اليوم قوى الأكثرية الحاكمة بساحة الشهداء وسط العاصمة بيروت لإحياء الذكرى الثالثة لإغتيال رفيق الحريري· وخوفا من أن تلقي الأزمة السياسة القائمة بظلالها على التجمع واخراجه عن مساره، قررت قيادة الجيش اللبناني منع حمل الأسلحة وجمدت صلاحية تراخيصها باستثناء تلك التي تخص الشخصيات الدبلوماسية ومرافقي الشخصيات الرسمية ابتداء من أمس إلى غاية اليوم وشمل القرار ايضا تراخيص حمل الأسلحة ذات الصفة الخاصة وإستثنى التراخيص ذات الصفة الدبلوماسية نفس القلق عبرت عنه السفارة الأمريكيةببيروت التي حذرت مواطنيها المتواجدين في لبنان من التنقل خلال اليومين القادمين في لبنان الى حين انتهاء فعاليات إحياء الذكرى الثالثة لإغتيال الحريري· لكن التدابير التي اتخذها الجيش اللبناني لاتبدو كافية لمنع حدوث أي طارئ بالنظر الى الأجواء المشحونة وحالة التململ الداخلي التي يعيشها هذا البلد بدون رئيس منذ شهرين ونصف· ولا تزال لهجة التهديد والوعيد سيدة الموقف في ظل تمسك زعماء أقطاب الصراع بمواقفهم وضمن هذا السياق قال وليد جنبلاط أول أمس أن 14 فيفري سيكون موعدا مع التجديد والتحدي·· نكون أولا نكون، وأضاف يكون لبنان أو لا يكون حرا سيدا مستقلا· مثل هذه التصريحات التي حملت كل أنواع التهديد والوعيد اعتبرها بعض المتتبعين محاولة من قبل قادة فريق الأغلبية لتعبئة المواطنين اللبنانيين للمشاركة في التظاهرة المقررة اليوم وسط بيروت·لكن ذلك لم يمنع المعارضة بالرد بالمثل وانتقاد الخطاب السياسي التصعيدي الذي تبنته قوى الأغلبية وفي هذا السياق حذر حزب اللقاء الوطني اللبناني المعارض أمس من أن الإحتقان في الشارع وصل إلى أقصى درجاته معتبرا أن مصير البلاد والمخاطر التي تهددها لا تعالج بمثل هذه الشعارات· من جهته اتهم منبر الوحدة الوطنية اللبناني أمس مواقف الفريقين في لبنان بتعطيل جهود أمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى لتسوية أزمة الرئاسة·وكانت التحذيرات التي أطلقها عمرو موسى بعد فشل وساطته بداية الأسبوع دليلا على خطورة الوضع في لبنان وهو ما جعله يقرر العودة مجددا الى بيروت لمواصلة جهوده· وفي الوقت الذي بلغت فيه الأزمة اللبنانية أوجها جاء الإعلان أمس على أن المحكمة الدولية الخاصة بمحاكمة المتورطين في إغتيال رفيق الحريري أصبحت جاهزة وتنتظر فقط قرار الأمين العام الأممي بان كي مون لبدء عملها· إعلان جاء على لسان شكري صادر المستشار في قسم القضايا والتشريع بوزارة العدل اللبنانية ومن شأنه أن يزيد من تعقيد الأمور وتعميق هوة الخلاف بين قوى الأغلبية الحاكمة والمعارضة بقيادة حزب اللّه الرافضة لانشاء هذه المحكمة من منطلق أنها تشكل تدخلا في الشأن الداخلي اللبناني· وأمام هذا المأزق تعالت أصوات المجموعة الدولية الداعمة إلى توخي الحذر في التعامل مع الأزمة وعرضت عديد الأطراف مساعدتها لتجنب انحراف قد لاتحمد عقباه·