يمكن لولاية بجاية أن تلعب دورا أساسيا ومعتبرا في مجال السياحة بشقيها الشاطئية والجبلية، ولا يمكن لأحد أن ينكر كل ما تزخر به المنطقة من مؤهلات طبيعية واقتصادية، لكن علينا أن نشير إلى أن قطاع السياحة بالولاية يعاني من غياب استراتيجية مستقبلية وغياب الديناميكية التي تعيد الاعتبار إلى هذا القطاع... المجهودات المبذولة إلى حد الساعة، حسب المتتبعين، لا تخرج عن نطاق العمليات الروتينية التي تنفذ عادة سواء لتحضير مناسبة من المناسبات أو الاستعداد لموسم الاصطياف، وخارج هذه الدائرة تبقى وضعية القطاع كما هي دون حراك، بالفعل، هناك إرادة لتوسيع حظيرة الفندقة من جهة وتحسين طبيعة الخدمات الفندقية من جهة أخرى، وكأن السياحة موجودة في الفنادق الفخمة دون غيرها من الوسائل، إذ سجلنا في المدة الأخيرة بناء 10 فنادق من الطراز العالي ستكون جاهزة في الخمس سنوات القادمة، إضافة إلى تطهير الشواطئ والقيام بعمليات تحسيسية للمواطنين، قصد إقناعهم بأن ولايتهم ذات طبيعة سياحية وعليهم احترام التعليمات الخاصة بالنظافة وشروط الصحة، فالشريط الساحلي للولاية يمتد على طول 120 كلم وبه 35 شاطئا مسموح السباحة فيها ومحروسة وهناك 10 شواطئ غير مسموح السباحة فيها منها ما أعلن عنها والتي يتوافد إليها المصطافون بكثرة، لكنها تشكل خطورة كبيرة على صحة الأشخاص، إضافة إلى غياب الحراسة، وهناك جانب آخر لا يقل أهمية يتمثل في غياب التنظيم المحكم على مستوى الشواطئ، وهو ما قد يسبب سوء تفاهم من جهة ومحاولة الآخرين فرض قانونهم على المصطافين على مستوى أماكن توقف السيارات ويجبرون الفرد المالك للسيارة على دفع 50 دينارا، وهو أمر يستنكره البعض لأنه يتنافى مع القوانين العامة التي تدخل في الترتيبات العامة لموسم الاصطياف، في حين أن عدم الالتزام بالآداب العامة والأعراف لا يساعد إطلاقا على توفير الشروط اللازمة والضرورية خاصة للسياح الأجانب، وهذا ما يعني وبقوة، غياب الثقافة السياحية التي تحترم حرية الآخرين والمعاملة الحسنة. أما ما يخص السياحة الجبلية، فإن الطبيعة الجغرافية للمنطقة ملائمة جدا وقد انبهر السياح الأجانب الذين توافدوا على هذه المنطقة في السنوات الماضية، وهناك العديد من المجالس المحلية المنتخبة لعدة بلديات تطالب الدولة من خلال مديرية السياحة، بالتكفل بهذا الموضوع الذي لا يقل شأنا عن السياحة الشاطئية، وهذا ما يدعوا إلى التفكير في بناء قرى سياحية في المناطق الجبلية العذراء التي تحتوى على جميع مقومات السياحة، وتبعث الراحة والطمأنينة لدى كل من يزورها ويبيت فيها، وبالأخص تلك البلديات التي تفتقر إلى مصادر التمويل الذاتي، وهي الآن تبحث عن الوسائل التي تمكنها من توفير المداخيل للخزينة قصد النهوض بالثروة التنموية وبعثها من جديد لتكون ذات فاعلية وفعالة تعود بالفائدة على البلدية وسكانها، كما أنها ستساهم في تحسين الإطار المعيشي والاجتماعي وحتى الاقتصادي إذا ما اجتمعت فيها كل الأدوات الضرورية للقيام بذلك، وعليه فإن السلطات العمومية على مستوى ولاية بجاية مدعوة للتفكير لإدخال إصلاحات شاملة على قطاع السياحة، بوضع استراتيجية بعيدة المدى تكون ذات أهداف محددة وتوفر لها الدولة الآليات والميكانيزمات الأساسية لتأسيس سياحة عصرية وفق المعايير الدولية والمواصفات العالمية.