تنتهي اليوم بمنتجع مانهاست بمدينة نيويورك جولة المفاوضات غير الرسمية الرابعة بين جبهة البوليزاريو والمغرب برعاية الموفد الأممي الخاص إلى الصحراء الغربية الأمريكي كريستوفر روس في جو من عدم التفاؤل بسبب الموقف المغربي المصر على تحدي المجموعة الدولية ورفض الامتثال لقراراتها. وكما في المرات السابقة التي فشلت جميعها في تحقيق أي تقدم على طريق تسوية النزاع في الصحراء الغربية فإنه لا شيء تسرب مما دار خلال يومين من المفاوضات ونقاط جدول الأعمال وما إذا كان المغرب قد قبل بإدراج فكرة تقرير المصير في هذه المفاوضات في بادرة حسن نية منه من اجل التوصل إلى إنهاء هذا النزاع على اعتبار أن ذلك يبقى مفتاح الحل الوحيد لهذه المفاوضات سواء بإنجاحها أو الدفع بها إلى الفشل النهائي. ويبدو أن الوفد المغربي المفاوض سيواصل سياسة الهروب إلى الأمام من اجل كسر هذه المفاوضات بالتشبث بفكرة الحكم الذاتي كحل وحيد للنزاع تطبيقا لاقتراحات الوزير الأول الاسباني رودرغيث ثباتيرو الذي كان سباقا في طرح هذه الفكرة على الأممالمتحدة لتخليص بلاده من مسؤوليتها المعنوية كقوة استعمارية سابقة لهذا الإقليم المحتل. وعندما فشلت الحكومة الاشتراكية في ذلك تلقف الملك المغربي محمد السادس الفكرة مدعيا انه صاحب هذه المبادرة ''الشجاعة'' التي ولدت بعد سنوات من التخمين والتفكير المضني لولا أن موقع ويكليكس فضح الأمر وأكد أنها فكرة اسبانية قديمة وسبق لفرنسا أن عرضتها على الملك الراحل الحسن الثاني الذي تخلى عنها هو الآخر بعد أن اقتنع أن الصحراويين لن يقبلوا بها. ويكون الإحساس بعدم التفاؤل هو الذي دفع بوزير الخارجية الصحراوي محمد سالم ولد السالك إلى التأكيد خلال ''ندوة الجزائر'' حول اللائحة 1514 لتصفية الاستعمار ان الوفد الصحراوي سيتوجه إلى نيويورك فقط من اجل التعاون مع الأممالمتحدة. وهو إقرار بأن جبهة البوليزاريو لا تنتظر الكثير من هذه المفاوضات التي أصبحت مجرد نسخ مستهلكة لأربع جولات سابقة انتهت جميعها إلى الفشل التام بعد أن تمسك المغرب بموقفه الرافض لفكرة تقرير مصير الشعب الصحراوي. وقال احمد بوخاري ممثل جبهة البوليزاريو في الأممالمتحدة واحد أعضاء الوفد الصحراوي المفاوض أن الأممالمتحدة تتحدث عن إجراءات الثقة ولكنها ثقة مفقودة بسبب تمسك المغرب بمواقفه ولذلك فإننا لا ننتظر أي شيء من جولة المفاوضات هذه. ورغم الشعور بالإحباط فإن جبهة البوليزاريو تريد الإبقاء على باب الدبلوماسية مفتوحا ولكنها مقتنعة أن حلا نهائيا لا يمكن أن يرى النور ما لم تتحمل السلطات المغربية مسؤولياتها وهو ما جعل ولد السالك يطالب بتدخل فعلي من طرف مجلس الأمن الدولي قبل أن يضيف أن الموقف الفرنسي المنحاز إلى جانب المغرب لا يساعد إطلاقا في تحقيق أي تقدم على طريق التسوية. وهو إقرار يستدعي تدخلا مباشرا للأمم المتحدة التي لا يجب أن تبقى مجرد راعي لمفاوضات باتت أشبه بحوار طرشان ومجرد مضيعة للوقت في وقت طالت فيه مأساة الشعب الصحراوي الذي لم يعد يطيق البقاء في وضع المترقب لفشل المجموعة الدولية التي عجزت في فرض قرارات إلزامية بقوة لوائح مجلس الأمن الدولي. والمفارقة أن تخاذل القوى الكبرى في فرض قراراتها أن الاجتماع الثالث الذي جرى في الثامن نوفمبر الماضي تم وقد أزهقت أرواح العشرات من المدنين الصحراويين تحت آلة الحرب المغربية دون رحمة وفي نفس اليوم الذي انطلقت فيه مفاوضات مانهاست السابقة. والأكثر من ذلك فإن مجلس الأمن فشل في اتخاذ قرار بإصدار لائحة لإرسال لجنة تحقيق دولية لبحث ملابسات تلك الجريمة رغم أن برلمانات العالم طالبت بذلك بما فيها الاتحاد الأوروبي. ولكن عندما تقف فرنسا أمام الإرادة الدولية برفع ورقة الفيتو في وجه الشرعية الدولية تفهم درجة الإحباط وفقدان الأمل الذي أصاب الشعب الصحراوي وعدم ثقته في اللوائح التي يصدرها. والمفارقة أن فرنسا الرافضة للشرعية الدولية في الصحراء الغربية لا تجد حرجا في الدفاع عنها في كوت ديفوار مثلا وتصارع من اجل فرضها في كثير من مناطق العالم. ولم يكن تصريح وزير الخارجية الصحراوي بضرورة خروج فرنسا واسبانيا من لجنة أصدقاء الأمين العام الاممي في الصحراء الغربية إلا اكبر دليل على الدور السلبي لهؤلاء ''الأصدقاء'' المعرقلين بل والمنحازين إلى جانب الطرف المغربي ومشجعيه على إفشال مجهودات بان كي مون في إنهاء هذا النزاع. وقال محمد سالم ولد السالك أن وجود فرنسا واسبانيا ضمن هذه المجموعة يضعف بشكل كبير جهود مجلس الأمن لإحلال السلام العادل والدائم في المنطقة لأنهما تعارضان إنهاء الاستعمار بالصحراء الغربية ضد المنطق وتريدان مصادرة الحق غير القابل للتصرف للشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال .