راضين بقضاء الله وقدره نزلت علينا فاجعة موتك كالصاعقة حطمت وجداننا وزعزعت فؤادنا وأدخلتنا في غيبوبة أردنا أن نصحو منها بخبر يقول لنا علي لم يمت لا يزال حيا لن يتركنا ولن يرحل. لكن لم يحدث ذلك فأنت رحلت... نعم رحلت إلى الدار الآخرة وكلنا لها... لكنك رحلت مبكرا جدا وتركت لنا مجرد ذكريات. ذكريات الزميل بل الصديق لا بل هي ذكريات الأخ العزيز بكل ما تحمله كلمة الأخوة من معان صادقة لا تعرف لا النفاق ولا المراوغة. كم من مرة قدمت لي النصائح وكم من مرة كنت تقول لي افعلي هذا ولا تفعلي ذاك وكنت استمع لنصائحك من دون نقاش ولا جدال لأني كنت أثق فيك وفي كل ما تقوله لي لأني كنت أرى في كلامك فعلا نصيحة الأخ لأخته. تجدني غاضبة فتفهم بمجرد نظرة سبب غضبي، تضحك بصوت خافت وتقول لي ابتسمي فلا شيئ في هذه الدنيا يستدعي البكاء. وسريعا ابتسم وأبدأ عملي لأجد نفسي أناديك علي أسرع هناك مشكل في جهاز الكومبيوتر... لم أجد موضوعي فتأتي مسرعا والابتسامة لا تفارق محياك ولبرهة فقط يحل المشكل وتقول لي واصلي لقد سويت الأمر. لم أكن أركز كثيرا معك وأنت تقوم بتسوية المشكل على جهاز الكومبيوتر لأني ببساطة لم أتوقع او لم يتبادر إلى ذهني أن يأتي اليوم الذي لا أجدك فيه جالسا أمامي. كم هي المرات التي ناديتك فيها وأنت في أوج عملك من اجل أن تساعدني في ترجمة فقرة بالفرنسية إلى العربية صعب علي ترجمتها أو كلمة لم افهم معناها فلا تبخل ولا تقل أف. أتذكر جيدا آخر كلماتك معي تحدثنا فيها عن الموت وقلت لي أن من يموتون ويدفنون يوم الجمعة هم من الصالحين الذين يتغمدهم الرحمان برحمته الواسعة جعلك الله في جنة النعيم والخلد إن شاء الله. لا تكفي الكلمات ولا صفحات الجريدة لنوفي لك حقك لنصف خصالك الحميدة وطباعك الجميلة فأنت لم تؤذ أحدا ولم تسيئ إلى احد وحتى الذين اخطأوا ربما معك لم تقابلهم بنفس الخطأ وإنما كنت كريما حنونا صادقا هكذا عرفناك وهكذا عهدناك أيها الأخ العزيز وهكذا ستبقى دائما في قلوبنا. كنت تسارع للكتابة على زملائنا الذين توفتهم المنية في الفترة الأخيرة الواحد تلوى الآخر، كتبت عن توفيق وعن فضيلة وعن سناجقي وغيرهم لا يسعنا المقام أن نذكرهم جميعا رحمة الله عليهم ولا احد كان يعلم انك ستكون أنت هذه المرة من يكتب عنك. وفي الأخير نذكر قول الله سبحانه وتعالى بعد بسم الله الرحمان الرحيم ''ياأيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي'' صدق الله العظيم.