يؤمن هذا الفنان بوجوب التكوين الأكاديمي، الذي يعطي صاحبه فرصة أكبر للتمكن من مجال الموسيقى، إضافة الى ضرورة حرص الفنان على البحث والاكتشاف في مجاله كي يلم بالطبوع والمشارب الفنية المختلفة. الفنان عبد السلام بن ديفال من الذين اتخذوا من التكوين الفني سبيلا للوصول الى الاحترافية، فقد قضى سنوات من عمره في التكوين والتحصيل الموسيقي العلمي الذي أكسبه اعتراف المختصين ونيل أرقى الشهادات، ومع كل ما حققه لا يزال مرتبطا بالتحصيل كي يتعلم أكثر فأكثر في عالم الموسيقى الجزائرية التي لا تنضب معارفها. عبد السلام في حديثه مع ''المساء''، استعرض مسيرته مع التعليم الموسيقي التي بدأت باكرا أي منذ طفولته بحي القبة، حيث رفض اقتراحات والده بالانضمام الى أي نشاط رياضي، مفضلا تعلم الموسيقى وكان له ذلك عن طيب خاطر، باعتبار أن عائلته تهوى الفن والموسيقى ولها بعض الأواصر مع بعض الفنانين. انقطاع طفيف بسبب الدراسة والانتقال الى حي الينابيع، أين التحق عبد السلام الذي كان مراهقا حينها بمعهد الموسيقى ب''رويسو''، حيث درس مع بعض أبناء جيله، ذكر منهم حميدو ونصر الدين شاولي وغيرهما، ثم واصل بالمعهد المركزي للموسيقى بالجزائر الوسطى، هذا المعهد الذي تخرجت منه عدة أسماء فنية لامعة، والذي اكتسب شهرة واسعة في مجال التكوين تجاوزت حدود الوطن، وفضل عبد السلام التخصص في موسيقى الشعبي، علما أن المعهد معروف في هذا الاختصاص الذي استحدثه به الراحل الحاج امحمد العنقى، إضافة الي تخصص الموسيقى الأندلسية التي شهدت هي الأخرى مرور فطاحلة الموسيقى الكلاسيكية في مجال التكوين، على غرار عبد الكريم دالي والفخارجي، الذين لا يزال صيتهم يدوي في المعهد، وطبعا فإن الموسيقى الكلاسيكية الغربية موجودة كذلك خاصة من خلال ''السولفاج'' الذي هو القاعدة لكل أنواع الموسيقى. برع عبد السلام في الموسيقى والغناء فأصبح فيما بعد يقلد بعض شيوخ الشعبي ويؤدي روائع هذا الفن، الذي أداه هؤلاء كالراحل قروابي وبوجمعة العنقيس والقطاف، وسرعان ما انتشر اسمه من خلال الحفلات الخاصة والأعراس، علما أن له فرقة مكونة من موسيقيين محترفين بعضهم يعمل في الإذاعة الوطنية. يرى هذا الفنان أن دراسته أكسبته خبرة واسعة يستطيع من خلالها الاطلاع على الموسيقى والتراث الشعبي المتمثل في أشعار الملحون، حيث تمكن من دراسة هذه النصوص وتاريخ وظروف نظمها وروادها، إضافة الى تصحيح الخطأ فيها وأيضا أدائها بشكل سليم.. علما أن عبد السلام أكد أن بعض مطربي الشعبي ليس لهم هذه الإمكانيات والوسائل العلمية البيداغوجية، فهو يرى بعضهم يكسر النصوص ويسقط في الأداء مكتفيا بالترديد الاعمى والتقليد السطحي لبعض الشيوخ. للإشارة، فإن عبد السلام قضى 17 عاما في مجال التحصيل الموسيقى، تحصل إثرها على أعلى الشهادات العلمية، حيث تحصل في المعهد المركز للموسيقى قسم الموسيقى الشعبية المستوى العالي، على الجائزة الأولى سنة ,2008 وهو مستوى لم يتوصل إليه أحد من أبناء جيله، كما تحصل سنة 2004 من المعهد على جائزة ''الأكسيست الأول''، وهذه الشهادات هي أرقى ما يمكن أن يصل إليه الطالب أو لنقل أنه سقف الشهادات، اقترح المعهد على عبد السلام نظرا لإمكانياته البيداغوجية، التدريس، لكنه لم يستجب ماعدا في بعض الفترات التي يحاول فيها مد العون للطلبة الصغار، إذ أن ميوله الظهور على الساحة الفنية. من جهة أخرى، يبدو أن عبد السلام لم يشبع بعد من علم الموسيقى، لذلك أصر على دخول اختصاص الموسيقى الاندلسية حتى يتمكن أكثر من قوانينها.. علما أنه سبق له وأن أدى وصلات وقصائد موسيقية أندلسية استمتع بها الجمهور، يقول في هذا الشأن ''تروقني هذه الموسيقى التي هي علمية مائة بالمائة وتمثل تراثنا الكلاسيكي الجزائري المشترك، كما أنها أصل لموسيقى الشعبي وأغلب (شغالات) الشعبي مستمدة من الاندلسي كالحوازات والمصارف وفي المرمة وغيرها، ناهيك عن النصوص، كما أن الاندلسي موسيقى جميلة ورائجة ومدعمة في بلادنا تستحق منا أن نتكون فيها لنؤديها ونحافظ عليها بالطرق العملية الصحيحية''. عبد السلام معروف عند الجمهور العاصمي ببعض الأعمال، وهو الآن يحضر لمشروع أغاني شعبية خفيفة (طقطوقات) ستصدر خلال هذا الصيف، كما أنه يتعامل مع بعض شعراء الشعبي الذي يقدرون موهبته في الغناء وفي اختيار النصوص. ما يميز هذا الفنان تواضعه الشديد وحبه للفن الجزائري الاصيل، وكذا ارتباطه بالجد والعمل كشرط للنجاح، فقد توفرت فيه كل الشروط ولا ينقصه إلا الدعم للبروز أكثر في الساحة، خاصة من ناحية الإعلام والدعاية.