أكد محافظ بنك الجزائر السيد محمد لكصاسي، أمس الأحد، أن ''الأداءات المالية المعتبرة'' التي حققها الاقتصاد الوطني خلال سنة 2010 تؤكد صلابة الوضع المالي للجزائر وتدعم قدرتها على مواجهة أي طارىء على المستوى الخارجي. وقال في تقديمه لتقرير بنك الجزائر 2010 حول التطورات الاقتصادية والنقدية في جلسة عامة بالمجلس الشعبي الوطني ترأسها السيد عبد العزيز زياري رئيس المجلس- أن ''الاقتصاد الوطني حقق أداءات مالية معتبرة في سنة 2010 خاصة فيما يتعلق بتعزيز الوضعية المالية الخارجية الصافية''، مؤكدا أن هذه المقاييس ''تؤكد صلابة الوضعية المالية الخارجية للجزائر وتدعم قدرتها على مقاومة الصدمات الخارجية''. وأشار إلى التحسن الملحوظ في الفائض الإجمالي لميزان المدفوعات المتكون من ميزان المدفوعات الخارجي الجاري وصافي الاستثمارات الخارجية المباشرة والذي بلغ 15,58 مليار دولار خلال سنة 2010 مقابل 3,86 ملايير دولار سجلت في .2009 وبعد أن أشار إلى أن صافي الاستثمارات الخارجية المباشرة قد ارتفع خلال السنة المنصرمة إلى 3,5 ملايير دولار مقابل 2,5 مليار دولار في 2009 أكد أن ميزان المدفوعات الخارجي الجاري للجزائر سجل من جهته فائضا معتبرا ليصل إلى 12,16 مليار دولار -أي ما يعادل 7,5 بالمائة من إجمالي الناتج الداخلي- مرتكزا على الارتفاع المتواصل لسعر برميل البترول (80,15 دولار مقابل 62,26 دولار في 2009). وأدى هذا التحسن في أسعار البرميل إلى ارتفاع قوي لإيرادات صادرات المحروقات وارتفع مستوى احتياطات الصرف الرسمية للجزائر لتبلغ 162,22 مليار دولارفي نهاية 2010 مقابل 148,9 مليار دولار في 2009 متجاوزا بذلك ثلاث سنوات من الاستيراد للسلع والخدمات. وأكد السيد لكصاسي أن بنك الجزائر يسير هذه الاحتياطات بطريقة تضمن الحفاظ على قيمة رأس المال والاحتفاظ بمستوى عال من السيولة وكذا الحصول على مردود أمثل. كما أشار السيد لكصاسي إلى ارتفاع قيمة سعر الصرف الفعلي الحقيقي للدينار بنسبة مئوية سنوية بلغت 2,64 بالمائة في 2010 فيما بقي سعر الصرف الفعلي الحقيقي للدينار في مستواه التوازني على المدى المتوسط رغم التقلبات المتزايدة لأسعار صرف العملات الرئيسية والضعف الهيكلي للصادرات خارج المحروقات. ولدى تطرقه إلى التضخم في الجزائر، أكد المحافظ أن معدله السنوي تراجع لينتقل من 6,1 إلى 4,1 بالمائة خلال سنة ,2010 مبينا أن هذه النسبة تولدت أساسا من ارتفاع أسعار الخدمات والسلع المعملية. وأوضح السيد لكصاسي أن النمو الاقتصادي بلغ خلال السنة الماضية 3,3 بالمائة مضيفا أن كل قطاعات الأنشطة الاقتصادية عرفت نموا ايجابيا ماعدا قطاع المحروقات الذي سجل نموا سلبيا. ويشير إلى أن سنة 2010 تميزت أيضا بارتفاع إجمالي للناتج المحلي بالحجم خارج المحروقات بنسبة 6 بالمائة مقارنة بالسنة التي سبقتها. ومن جهة أخرى، أكد أن المؤشرات المالية للاقتصاد الوطني واصلت تحسنها خلال السداسي الأول من السنة الحالية فيما شهدت القروض البنكية ارتفاعا ب11 بالمائة مقارنة بنهاية جوان.2010 موضحا أن السداسي الأول من سنة2011 سجل زيادة في تدفقات رؤوس الأموال بموجب الاستثمارات المباشرة الخارجية والتي تقدر ب1,33 مليار دولار في ظرف يتميز يتسديدات هامة للدين الخارجي قصير الأجل، حيث انتقل قائم هذا الأخير من 1,778 مليار دولار في نهاية ديسمبر 2010 إلى 0,989 مليار دولار في جوان .''2011 وكان مستوى الدين الخارجي متوسط وطويل الأجل قد بلغ بنهاية السنة الفارطة 3,679 مليار دولار أي مايعادل 2,27 بالمائة من إجمالي الناتج الداخلي. وبلغ الرصيد الإجمالي لميزان المدفوعات خلال السداسي الأول من السنة الجارية9,11 مليار دولار أي بوتيرة تفوق 4 ملايير دولار إضافة إلى تعزز التراكم لاحتياطات الصرف ليصل إلى 173,9 مليار دولار بنهاية جوان الفارط وفق الأرقام التي قدمها السيد لكصاسي. وأضاف أن التسيير المرن لسعر الصرف سمح بالحفاظ على سعر صرف فعلي حقيقي للدينار عند مستواه التوازني تقريبا على المدى المتوسط رغم التقلبات القوية لأسعار صرف العملات الرئيسية. كما تظهر مؤشرات الوضعية النقدية إلى نهاية جوان ارتفاعا كبيرا نسبيا في الكتلة النقدية ب8,62 بالمائة نتيجة تنقيد الموجودات الخارجية وكذا الزيادة المعتبرة في القروض الموجهة للاقتصاد. من جانبه شهد النقد الورقي زيادة كبيرة بلغت نسبتها نهاية شهر جوان 26 بالمائة من الكتلة النقدية. و يفسر تداول النقد الورقي -حسب التقرير- بالحجم الكبير والمتزايد للدفع بالنقد الورقي في المعاملات. ومن جانب آخر سجلت الصادرات خارج المحروقات -على الرغم من ضعفها الهيكلي- ارتفاعا خلال السداسي الأول من 2011 ب 46 بالمائة مقارنة مع السداسي الأول من .2010 أما فيما يخص استيراد السلع فقد زاد ب15,7 بالمائة خلال نفس الفترة مدفوعة أساسا بواردات المواد الغذائية وسلع الاستهلاك التي بلغت اجمالا 22,37 مليار دولار مقابل 19,33 مليار دولار خلال النصف الأول من السنة الفارطة. وفيما يتعلق بمؤشر التضخم خلال الأشهر الستة الأولى من السنة الجارية أكد محافظ بنك الجزائر أن أسعار الاستهلاك ارتفعت في الجزائر بنسبة 3,76 بالمائة كمتوسط سداسي بينما بلغ متوسط التضخم السنوي في جوان الفارط 3,49 بالمائة مقابل 5,41 بالمائة في جوان 2010 . وأشار السيد لكصاسي -بهذا الخصوص- إلى أن الإجراءات المتخذة من طرف السلطات العمومية والرامية إلى تقليل ''التضخم المستورد'' وكبح اختلالات السوق الداخلية ساهمت ''بصفة واسعة'' في تخفيف أثر صدمة الأسعار في بداية هذه السنة. وأضاف أن الأسواق ماتزال ضعيفة التنظيم في وقت يتميز بارتفاع المداخيل وما نتج عنه من توسع في الادخارات المالية للأسر والمؤسسات الخاصة. وفي تطرقه إلى أهمية البنوك في تحقيق نمو قوي خارج المحروقات قال السيد لكصاسي إن لهذه الأخيرة دور حاسم في مجال تمويل الاستثمارات المنتجة والأنشطة المولدة للشغل.