اختتمت أوّل أمس بمتحف ''أحمد زبانة'' بوهران، أشغال الملتقى الوطني حول ''واقع الكتاب في الجزائر، والاستراتيجيات والرهانات'' في خضم التطوّر التكنولوجي بكل ما يحمله من تطوّرات، أنتجت محدودية المقروئية وتدني مستوياتها مؤخّرا، قياسا بالسنوات الماضية، وما أحدثته التكنولوجيات الحديثة من تقاعس لدى الطلبة والتلاميذ الذين باتوا أمام جاهزية المعلومة، دون بحث أو عناء. تطرّقت الدكتورة بوفجلين الزهرة من جامعة الجزائر، في مداخلة قيّمة إلى''المطالعة والقراءة في البيئة الجامعية بين مكتسبات التنشئة والحتمية التعليمية''، حيث توقّفت عند الدوافع الحقيقية التي تجعل الطالب الجامعي يلجأ للقراءة، مؤكّدة أنّ السبب الحقيقي هو الدراسة، أي أنّ الدافع تعليمي، وقليلون جدا هم الطلبة الذين يقرأون خارج إطار الدراسة والبحث، جاء هذا من خلال دراسة ميدانية أجريت في عدد من الجامعات والمعاهد، معتبرة أنّ التنشئة الاجتماعية لم تعوّد الكثير من الطلبة الجامعيين البحث في الكتب والمطالعة خارج الإطار الدراسي. الأستاذ يوسف بلمختار من جامعة وهران، استعرض ما أضافته الدراسات التسويقية لصناعة الكتاب، حيث أكّد أنّ هذه الدراسة ساهمت في تسويق الكتاب بالجزائر، من خلال إدخال تحسينات على تقديم الكتاب من حيث الشكل، المغلّف ونوعية الورق، بحيث أصبح أكثر جذبا للقارئ الذي، في كثير من الأحيان، ينجذب للشكل والعنوان، أكثر من انجذابه للمحتوى الضمني للكتاب. مسألة التسويق الإلكتروني في المكتبات الجامعية تحدّثت عنها الأستاذة طالب زوقار سميرة من جامعة وهران، إذ أكّدت أنّها باتت ظاهرة شمولية أغنت الطالب عن البحث في المراجع، وباتت طريقة يقبل عليها الطلبة، مع توفّر الانترنت في قلب الحرم الجامعي، وأضحت أسهل وسيلة للحصول على المعلومة بشكل أوفر، وتختصر الوقت والجهد، محور مهم أشارت إليه الأستاذة غريب هاجر من جامعة قسنطينة، حول مسألة الملكية الفكرية في البيئة الرقمية، حيث ذكرت وجود تشريعات وقوانين، ومع ذلك نجد أنّ الكثير من المصنّفات يتم الاستحواذ عليها في الشبكة العنكبوتية، دون أن يتعرّض فاعلوها إلى العقاب لأنّ الأمر متشعّب وكثير ولا ينحصر في مجال واحد. في نفس هذا التوجّه، تدخّل الأستاذ موحوس محمد من جامعة الجزائر، وسلّط الضوء على موضوع ''تطوّر تشريعات حقوق المؤلف في الجزائر''، مبرزا أنّ التشريعات في الجزائر استغرقت وقتا طويلا، قبل التمكّن من إيجاد قوانين لحماية المصنّفات والانتاجات الفكرية، وقد استعانت في بداية الأمر بالقوانين الفرنسية بعد الاستقلال، والتي كانت مصدرا لسنّ تلك القوانين، فيما كانت هناك دول كانت سبّاقة في وضع التشريعات كمصر والأردن، مع الإشارة الواضحة إلى نوع المصنّفات الواجب حمايتها، وهذا لم يشر إليه سابقا في القانون الجزائري. وأضاف أنّه في ,1973 سنّ أوّل قانون يتعلّق بحقوق الملكية الفكرية، وتمّ بموجبه التمييز بين أنواع المصنّفات، ولم يكن حينها الديوان الوطني لحقوق المؤلف يمتلك القدرة القانونية لحماية المصنفات، حسب النوع، الأهمية والقيمة المادية، فالجزائر، أضاف المتدخّل، انتظرت خمسة وعشرين عاما لإصدار قانون لحماية حقوق التأليف والحقوق المجاورة، وقد أجريت دراسة ميدانية بيّنت أنّ 46 بالمائة من الجزائريين لا يعرفون شيئا عن حقوق المؤلّف، 22 بالمائة منهم يعرفون نوعا ما، ولهم رأي حول الموضوع، و32 بالمائة لديهم معرفة حول حقوق المؤلف. وأجمع المتدخّلون على أنّ مستوى المقروئية تأثّر بشكل كبير بالتطوّر التكنولوجي، ومعه تأذّت صناعة الكتاب التي لم ترتبط بهذا العامل فحسب، بل تأثّرت بغياب دعم الدولة لإنتاج الكتاب وارتفاع تكاليف صناعة الكتاب وغلائه في السوق المحلية، مما فرض على القراء هجره واللجوء إلى الوسائل الحديثة-.