تخضع العاصمة، منذ أشهر، لتزيين شامل من خلال عمليات ترميم البنايات وتجديد شبكات الماء والكهرباء والغاز، إلى درجة أنها تحولت إلى ورشة مفتوحة ليل نهار، طالت بها الأشغال إلى ما فوق الحدود المقبولة. وكم كنا نأمل أن نحيي خمسينية الاستقلال والعاصمة في أحسن حلة، لو أن المشرفين على العملية برمجوا هذه الأشغال في وقتها وأخذوا في الحسبان تزامنها مع أكبر حدث تعيشه البلاد وهو ذكرى استقلال الجزائر. يبقى ذلك مجرد حلم، لأن العاصمة لا تزال تتصدر المدن الجزائرية التي تنام باكرا وزادتها الأشغال والأتربة المتصاعدة والحفر تعقيدا إلى درجة أنها أصبحت شبه دشرة، ليس بها ما يوحي للزائر الغريب أنها عاصمة البلاد. إنه لشيء مؤسف أن نحضر كل هذه البرامج استعدادا لإحياء خمسينية الاستقلال وعاصمة البلاد بهذا الشكل. وهنا لابد من ذكر حادثة طريفة استوقفتني هذه الأيام، حيث وقفت سيدة سائحة أمام محل بقلب شارع العربي بن مهيدي كان صاحبه يهم بالمغادرة، ظانة أن صاحب المحل بصدد فتحه، فكانت دهشتها عندما أعلمها بأن الساعة السابعة مساء وأن كل محلات العاصمة تغلق في هذا التوقيت، فقدمت له درسا حول كيفية تسيير العواصم وأن المحلات في العالم أجمع تفتح في هذا الوقت وإلى ساعات متأخرة من الليل. هذا الموقف يتكرر مرارا مع السياح الذين يخرجون من الفندق ليلا للتجول في العاصمة لكنهم يعودون أدراجهم بعد أن يجدوا كل المحلات قد أغلقت والشوارع خالية على عروشها.فهل يعقل أن تبقى عاصمة البلاد على هذا الحال ونحن نتحدث عن تطوير وترقية السياحة؟ وهل السياحة تعني الاكتفاء ببناء الفنادق أم أنها تتطلب تمكين السائح من الاستمتاع بالمناظر والمعالم التي تتوفر عليها العاصمة؟ وهل نفرض عليه السياحة نهارا وعندما تغيب الشمس نفرض حظرا للتجوال؟ الواقع أنه حان الوقت للتفكير في كيفية تسيير العاصمة بعقلية معصرنة ومقاييس ومعايير عالمية، حتى تكون العاصمة بحق مرآة حقيقية للبلاد وفي مصاف العواصم العالمية.