عادة المعيار الذي من خلاله نقيم عملية من العمليات هو نسبة تحقيق الهدف الذي من أجله أنجزت العملية، ففي عملية تقنتورين كان الهدف الرئيسي حجز أكبر عدد من الرهائن الأجانب ونقلهم إلى شمال مالي، ثم المساومة بهم، إما بالفدية أوالتبادل، أو المطالبة بوقف التدخل الفرنسي، أو وضعهم كدروع بشرية إلخ... الهدف الثاني في حال فشل الأول هو الاستجابة إلى المطالب أو تفخيخ المصنع وتفجيره بمن فيه، وإحداث مجزرة بشرية وكارثة بيئية، وتوجيه ضربة للاقتصاد الجزائري. وإذا سلمنا جدلا أنه ليس هناك أهداف أخرى خفية نجهلها، فإن عملية تدخل القوات الخاصة الجزائرية يعد عملا ناجحا وبامتياز لأنه أفشل مخططات الإرهابيين بالقضاء عليهم وتحرير معظم الرهائن والحفاظ على سلامة المصنع. أما إذا نظرنا إلى العملية بالمقارنة مع مثيلاتها فتعد أيضا ناجحة لقلة الضحايا من الرهائن، حيث أسفر تدخل القوات الخاصة الروسية في مدرسة بيسلان في سبتمبر 2004 عن مقتل 320 رهينة من بينهم 186 طفلا. وفي مسرح موسكو سنة 2002 تم القضاء على 39 من الخاطفين ومقتل 129 شخصا من الرهائن من بينهم تسعة أجانب. وإذا عدنا إلى الكومندوس الفرنسي، فقد فشل أثناء رئاسة ساركوزي في تحرير الرهينة ميشال جيرمانو بالتعاون مع الجيش الموريتاني، كما فشل أخيرا في عهد الرئيس هولاند في تحرير الرهينة دينس أليكس المحتجز في الصومال منذ سنة 2009. وخلال اقتحامهم لطائرة الإرباص الفرنسية المختطفة من قبل عناصر ما يسمى ”بالجيا” سنة 1995، والتي حولت إلى مارسيليا كانت النتيجة قتل ثلاث رهائن. الجانب الثالث، وهو مسرح العمليات الذي هو مصنع للغاز، ثم الضغط الإعلامي بفعل تكنولوجيا الإتصال الحديثة، التي تجعل من تحاليل خبراء بلاتوهات الفضائيات مادة دسمة للإرهابيين يعتمدون عليها في تعديل الخطط ورفع سقف المطالب والمناورة، ثم الوضع الحساس في الشمال المالي الذي تطلب من الحكومة الجزائرية غلق الحدود. كل هذه العوامل جعلت من عملية تدخل القوات الخاصة الجزائرية عملية معقدة جدا، وتتمثل في الحرص على عدم تهريب الرهائن الأجانب، المحافظة على الأرواح البشرية، تجنب حصول انفجار في المصنع.. ومع كل ذلك تمت عملية التدخل بأقل الخسائر، وهذا يدل على الحكمة في التخطيط والاحترافية في التنفيذ من رجال معدين ومدربين لمثل هذه الظروف، عقيدتهم إنقاذ الأرواح البشرية.