أصبحت ظاهرة ” البناءات المغشوشة” محور حديث المستفيدين من السكنات الاجتماعية خصوصا المتضررين من زلزال بومرداس وأصحاب الشاليهات، حيث أكدت الخرجة الميدانية التي قامت بها ”المساء” إلى بعض الأحياء الجديدة بمختلف البلديات على غرار الكاليتوس، بئر خادم، عين النعجة وأولاد شبل، أن أغلبية السكنات لا تصلح لتكون مأوى لمخلوقات بشرية، ودق المواطنون ناقوس الخطر نتيجة الخوف الذي ينتابهم وسط بنايات تكاد تنهار على رؤوسهم؛ فما هو دور السلطات المعنية في ذلك؟ وإلى متى تستمر سياسة ”البريكولاج” في البناء والتعمير؟ يشتكي أغلبية المستفيدين من السكنات الاجتماعية الجديدة من غياب شروط الراحة في بيوتهم، وهو الأمر الذي اكتشفته ”المساء” في الزيارة التي قامت بها، حيث أوضحت شهادات المواطنين أنهم اصطدموا بواقع مخالف لما كانوا يتوقعونه وفضّلوا العودة إلى الشاليهات والبيوت الفوضوية بدل العيش في سكنات لا ترى النور ولا تدخلها الشمس.
من ضوء الشاليهات إلى ظلمة الأقبية بالكاليتوس زيارتنا الأولى كانت باتجاه حي 500 مسكن بالكاليتوس الذي يعيش سكانه في الظلمات خصوصا سكان الطبقات السفلى، حيث أوضحت زيارتنا لعائلة السيد سدي عبد القادر القاطنة بالعمارة رقم 13 في الطابق الأول، أن هذه العائلة المتكونة من ستة أفراد والتي كانت تقطن بشاليهات ”برج الكيفان”، لم يطرأ عليها أي تغيير في سكنها الجديد، والذي هو عبارة عن شقة مظلمة تنبعث منها روائح كريهة نتيجة تسرب مياه قنوات الصرف الصحي بكل أنحاء السكن المتكون من غرفتين، مطبخ ورواق، حيث أكدت جولتنا بهذا البيت أن المطبخ به قناة لصرف المياه وبه تسربات، كما لاحظنا بإحدى الغرف وجود أسلاك كهربائية مكشوفة ومبللة، وأن التيار الكهربائي مقطوع لتفادي خطر الكهرباء. كما عاينّا وجود حشرات ضارة داخل الشقة، وأن الشقة لا تشمل شرفة بل جهة خلفية بالغرفتين بها نوافذ مغلقة بحواجز حديدية، إضافة إلى وجود سقف فوق نوافذ الغرفتين من الخارج يحجب أشعة الشمس عن الشقة، وتوجد أيضا سلالم بمدخل الشقة تؤدي إلى الرواق، كما هناك غرفة مغلقة مجاورة للشقة في الخارج، تَبين لنا أنها محطة توزيع الكهرباء، هذه الوضعية تسببت في إيذاء أفراد هذه الأسرة، تقول ربة البيت ل ”المساء”، إذ أصيبوا جميعا بمرض الربو، موضحة أنها راسلت مرارا مديرية البناء والتعمير ووالي ولاية الجزائر للنظر إلى حالهم، لكن ”لا حياة لمن تنادي!”، ولم تؤخذ الطعون بعين الاعتبار بعد. وعلى نفس الحال وجدنا سكان الطبقات السفلى بعمارتي 18 و19 بنفس الحي، الذين أكدوا لنا أنهم يفضلون العودة إلى الشاليهات وترك هذه ”الأقبية” المظلمة، والتي من المفروض أن تكون محلات.
حي الطاهر بوشات بتقصراين بأشكال هندسية غريبة! زيارتنا الثانية كانت إلى حي ” الطاهر بوشات ” بتقصراين التابع لبلدية بئر خادم، هذا الحي يضم السكان القادمين من حي ديار الشمس بالمدنية وبعض العائلات المتضررة من زلزال بومرداس. والتقت ”المساء” بممثل الحي السيد منور الذي رافقنا لزيارة بعض العائلات التي لاتزال تنتظر رد لجنة الطعون في إعادة ترحيلها إلى سكنات لائقة، حيث أكدت إحدى المواطنات تقطن بالعمارة رقم 23 المتضررة من زلزال بومرداس، أنها فقدت بيتها الكبير إثر الزلزال وهي عجوز كبيرة، لتجد نفسها في بيت يضم غرفتين فقط تتسرب منهما المياه القذرة! كما أن أغلبية الأسقف والجدران آيلة للسقوط؛ الأمر الذي أثر فيها كثيرا وتسبب لها في ارتفاع ضغط الدم وانخفاض السكري. كما ألح علينا أحد المرحلين من وادي شايح لدخول شقته الجديدة المكدسة بالأغراض، حيث قال إن فرحته لم تكتمل بعد أن اصطدم بالشقة المكونة من غرفتين وحمام ومطبخ بالنظر إلى أفراد عائلته، مضيفا أنه اضطر إلى بيع أثاث البيت بسبب ضيق الشقة، إلى جانب النقائص المسجلة من تشققات وغياب التهيئة، كما أوضحت إحدى المواطنات القادمة من شاليهات ”طماريس” وتقطن بالطابق السفلي، أنها لا ترى النور وتعيش في ظلمة دائمة، كما أن الشكل الهندسي للبيت غير مفهوم، وهناك غرف منجَزة في شكل مثلث؛ اقتصادا للمكان، حسبما لاحظناه في بيت السيدة! بدوره، أضاف السيد منور أن حي 350 مسكنا الملقب بالطاهر بوشات، مغشوش وفيه تحايل كبير من طرف المقاولين، حيث تحتوي الأطباق السفلية على سكنين، أما الأطباق العليا فتضم ثلاثة إلى أربعة سكنات، مما تَسبب في ضيق الغرف، مشيرا إلى أن السكان قاموا بمراسلات عديدة لإعادة النظر في مشاكلهم أو ترحيلهم إلى سكنات لائقة.
عمارات حي 150 مسكنا بالشعايبية تكاد تنهار على السكان! وجهتنا الأخيرة كانت باتجاه حي 150 مسكنا بالشعايبية، حيث وقفنا على وضعية السكنات الحديثة لكنها مغشوشة وتعرّض حياة السكان للخطر. وأكد السكان ل ”المساء”، وهم من منكوبي زلزال 2003، أن العمارات التي يسكنونها بدأت بالانهيار خصوصا على مستوى الأسقف والجدران والمداخل، موضحين أنهم تقدموا بعدة شكاو ومراسلات إلى السلطات المحلية لمعاينة المكان، وهو الأمر الذي قامت به البلدية، يقول رئيسها السيد بساخي، موضحا أن هيئته أعدت تقريرا تسلمت ”المساء” نسخة منه، يؤكد أنه بعد التبليغ من طرف السكان المتضررين بالعمارة ”أ” المتواجدة بحي الشعايبية وتبعا للخرجة الميدانية التي تمت من طرف المصلحة التقنية للبلدية بتاريخ 3 مارس 2013 وبعد المعاينة، سجلت سقوط سقف أحد هذه المداخل، ومن حسن الحظ لم تكن هناك أضرار بشرية. كما اتضح وجود أضرار خطيرة بمداخل البنايات الأخرى، وقد حُوّل التقرير مع الصور الفوتوغرافية إلى الدائرة الإدارية لبئر توتة. من جهة أخرى، توجهت ”المساء” إلى ديوان الترقية والتسيير العقاري بحسين داي للاستفسار حول موضوع ”البناءات المغشوشة”، لكن للأسف لم نتلقَّ أي معلومة. روبرتاج: نسيمة زيداني تصوير ياسين /أ