مرت ثماني سنوات على إقرار المصالحة الوطنية بعد عشرية سوداء كادت أن تعصف بالبلاد والعباد. وبفضل هذه المصالحة التي تبنّاها الشعب الجزائري عاد الاستقرار والأمن المنشودان، ولا أحد يمكنه أن ينكر التطور الذي تحقق في المجال الأمني. ما عاشه الجزائريون خلال عشرية كاملة تعيشه الكثير من الشعوب العربية، التي فضّلت خيار ”الربيع العربي” في وقت كان بإمكانها تجنّب تكرار التجربة المأساوية التي عاشتها الجزائر، بإحداث التغيير بأقل ضرر وبدون تدمير هياكل وأسس الدولة. التجربة في الجزائر كانت مريرة عندما حاولت قوى الشر ضرب أسس الدولة وزرع اليأس في نفوس الجزائريين من خلال التفجيرات وقطع الرؤوس، إلا أن وقوف مختلف الأسلاك الأمنية والوطنيين المخلصين من عامة الشعب وما أكثرهم! وقفة رجل واحد في وجه الإرهاب الأعمى، أنقذ البلاد والعباد مما لا تُحمد عقباه. وكان للوئام الوطني ومن بعده المصالحة الوطنية التي بادر بها الرئيس بوتفليقة، الفضل الكبير في إخماد نار الفتنة واستعادة السلم والأمن تدريجيا، لينعم الجزائريون من جديد بالاستقرار الذي يئسوا منه في فترة من الفترات. والمصالحة الوطنية في الجزائر لم تثمر عودة الأمن فحسب، بل أصبحت مرجعا يُستدل به في المحافل الدولية، مثلها مثل تجربة مكافحة الإرهاب، التي باتت نموذجا لدى المجتمع الدولي، بل تجربة في خدمة الكفاح العالمي ضد الإرهاب. ولا أحد يمكنه أن ينكر ثمار هذه المصالحة رغم النقائص التي يريد البعض استغلالها استغلالا سياسويا لرسم صورة سوداء عن الوضع في البلاد، محاولين تغطية الشمس بالغربال، من خلال نكران أن ما تعيشه الجزائر من وضع أمني واجتماعي واقتصادي هو أحسن بكثير مما هو عليه في الكثير من بلدان العالم، وفي مقدمتها البلدان المغاربية والعربية، خاصة التي شهدت ”ربيعها العربي” ولم تجن منه أي ثمرة بعدُ باستثناء تدهور الأوضاع بها على كافة الأصعدة. فالمصالحة الوطنية التي كانت صمام أمان، تبقى حقيقة تجسّدت في الميدان، وينعم الجزائريون اليوم بثمارها بعد أن أعمى شعاعها وبريقها أبصار الذين كانوا يتربصون بالجزائر.