لا تحسبوا السجالات التي سبقت إيداع ملفات الترشيحات للانتخابات الرئاسية، والتي صاحبتها وتلتها، ظاهرة سلبية، بل العكس، هي ظاهرة إيجابية إذا تجاوزنا الانزلاقات التي حدثت ويمكن تبريرها بضعف ثقافة الحوار والتغاضي عن جهل أو عن قصد عن احترام الآخر في إطار الاختلاف الذي هو طبيعة البشر. وللمنافسة السياسية خصوصياتها إلا أنه لا يجب أن يلجأ فيها إلى الضرب تحت الحزام أو إلى تعكير الشارع وتشتيت الرأي العام الوطني حول شعارات لا تخدمه في شيء، وأكثر من ذلك، لا يجوز أن يستغل مترشح أو أنصاره هذه الأجواء التنافسية لإحياء شعارات التخويف والوعد والوعيد وكأن الناخبين ذاهبون يوم 17 أفريل إلى اختيار مهدي منتظر أو جلاد لا يرحم، إن هذه الأفكار لا يمكن أن تنال من الشعب الذي استطاع أن يتغلب على جميع الصعاب والمناورات التي لا يقصد منها أصحابها إلا خدمة المصالح الشخصية والحزبية الضيقة. أما وقد تعرف الجميع على المتنافسين الستة على منصب رئيس الجمهورية، يجب أن تسكت الأصوات المشككة والإيحاءات المحبطة للعزائم ويفسح المجال لعرض البرامج الانتخابية التي على أساسها يختار الناخب من يسوسه لعهدة رئاسية جديدة. إن البرنامج المرشح للفوز بأصوات الناخبين لا تحدده الزغاريد والأهازيج ولا حتى الضوضاء بقدر ما تميزه قوة الطرح وواقعيته واستجابته لهموم الناس ولانشغالاتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية وما إليها من إصلاح للقطاعات التي تبني الإنسان الثروة والأجيال الفاعلة في عالم متسارع الأحداث..