إعداد: بلقاسمي ف/ز ينطوي كتاب "رحلة في بلاد القطن.. موجز صغير لنمط من العولمة" لإريك أورسينا الصادر مؤخرا عن مشروع كلمة للترجمة بهيئة أبوظبي للثقافة والتراث على أهمية تبرز على أكثر من صعيد. فهو يتعلق بمادة خام، في زمن يكاد يتحول الاقتصاد والمال فيه إلى عالم متخيل. وهو يستعرض كذلك التنوع الكبير للبلدان المنتجة للقطن، ويعالج موضوعات كثيرة لا يزال الجدل محتدماً حولها كالعولمة، والعولمة البديلة، والإفرازات الاجتماعية والثقافية الناجمة عنهما. يسافر القارئ من خلال هذا الكتاب، في صحبة المؤلف، إلى المناطق التي تنتج القطن في العالم، ويقدم الكتاب وصفاً ومعاينة لها، أو إذا شئنا القول "تحقيقات"ميدانية موثقة وتفصيلية لا يكتفي فيها المؤلف بإدخال الأبعاد الاقتصادية والسياسية، وإنما يتعمق أحياناً في الأبعاد التاريخية والثقافية والاجتماعية والعلمية والحضارية. يتنقل "أورسينا" وهو عضو في الأكاديمية الفرنسية ما بين منطقة "كوتيالا" "مالي"، و "داتانغ" "الصين"، و"تكساس" "الولاياتالمتحدة"، و "ماتو غروسو" "البرازيل"، و"الإسكندرية" "مصر" وطشقند "أوزبكستان" و"وادي فولون" "فرنسا". في كل محطة من المحطات يشرح المؤلف طريقة الإنتاج، ويرجع إلى تاريخ إنتاج القطن في البلد، ويستشهد بلقاءات أجراها مع خبراء أو أناس مؤثرين في عملية إنتاج القطن وتسويقه. وهو يعرض لنماذج من السكان العاديين. ولا يفوته أن يصف المناظر الجميلة الخلابة في بعض الأحيان، كما لو أنه يرسل بطاقة لصديق له من هذا البلد أو ذاك! ثم يحلل الأوضاع الاقتصادية في البلد ويستعرض التطورات التي تركت آثاراً عميقة على إنتاج القطن فيه، سواء من خلال اتخاذ الإجراءات الحامية أو تدخلات صندوق النقد الدولي أو تأثير المضاربة والتنافس في السوق العالمي، وانعكاس ذلك على أسعار القطن. أما مؤلف الكتاب إريك أورسينا فهو سياسي وروائي وكاتب فرنسي، درس الفلسفة والعلوم السياسية، وتخصص لاحقاً في الاقتصاد، عمل مستشاراً للرئيس الفرنسي الأسبق ميتران، وتقلّد عدة مناصب حكومية بين 1980 و 1990، رئيس المركز الدولي للبحار، وعضو الأكاديمية الفرنسية، وقد قام بترجمة الكتاب الدكتور سليمان الصويص الذي أنهى دراساته العليا في فرنسا، وهو باحث وناشط في حقوق الإنسان وحائز على جائزة الكتاب الأردنيين لعام 1995 يعمل في التدريس والترجمة والإعلام.