في هذا الحوار الذي أجرته "الأمة العربية" مع رئيس حزب الجبهة الوطنية الجزائرية موسى تواتي، يكشف رئيس الحزب عن موقفه من خطاب رئيس الجمهورية الأخير، بالإضافة إلى رأي الحزب في قضايا وطنية عديدة سواء من الناحية السياسية أو الإجتماعية او الاقتصادية. هذا بالإضافة إلى أوضع الحزب الداخلية ورؤية الحزب لطريقة التعديلات المقرر اجراؤها بمشاركة الطبقة السياسية. الخاطب جاء متأخرا نوعا ما، ويمكن القول أنه جاء بعد التشجنج السياسي والاجتماعي، التي اصبحت اليوم معقدة، وعلينا أن نذكر أن كل المطالب الاجتماعية كانت الأفانا قد أعلنت أنه من غير الممكن حلها في وقت وجيز أو نقدم قضية على حساب القضايا الأخرى وجاء لتهدئة الوضع، ويمكن القول أيضا أن الخطاب جاء لتفكيك الاحتجاجات القائمة اليوم على كافة الأصعدة سواء ما تعلق منها باحتجاجات أسرة التعليم أو المجالس المنتخبة أو الوظيف العمومي أو غيرها، لأنها اصبحت هاجسا وكان كان لا بد من وجود منفذ لتفكيك هذه الاحتجاجات، وفي الحقيقة الحكومة لا يمكن حل هذه الأزمة التي تراكمت طيلة هذه السنوات، اليوم لا نقيس 13 سنة من حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ونقول أن هذه المشاكل متراكمة منذ أكثر من عقدين، وهذا الشيء لا يمكن حله بخطاب فاقد للآجال، فهل يمكن حل منظومة دولة في ظرف وجيز ..؟ فهناك مشكل حقيقي نتحدث عنه اليوم، فهل الشعب هو صاحب الكلمة أو برلمان فاقد للشرعية يمكن أن يساهم في تعديل الدستور ..؟ لكن الرئيس أعطى آجالا قريبة ..؟ هي الإنجازات أصلا خاطئة ولكن ما نقوله نحن أن هذا المجلس التأسيسي سيكون مضيعة للوقت، وعلينا أن نطرح الأسئلة التالية، من يختار المجموعة المكونة لهذا المجلس التأسيسي ..؟ هل يكون بانتخاب ..؟ ثم لا بد من تحديد من هو المؤهل لاختيار هذه الجماعة أو الأفراد المكونة لهذ المجلس لتوضع قوانين وتشريعات وتنظيم للدولة الجزائرية . نحن نريد أن نذهب إلى حل أسرع وأدق وأسهل لإشراك الشعب لممارسة سيادته وهذا بالذهاب أولا طرح الأسئلة على الشعب، كيف يمكن أن نشرع في بناء دولة بقوانينها وبنظامها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، نطرح السؤال في إطار ميثاق وطني وهذا الميثاق كفيل بتحيد سقف للدولة ويتمحور حول نمط النظام – سياسي واقتصادي واجتماعي – وهذا ما سيحدد مفهوم الدولة ففي الشق السياسي يجب أن نعرف هل نحن نظام برلماني أو سياسي أو شبه برلماني ..؟ونحن اليوم نعيش نظاما شبه برلماني ثم نذهب إلى الجانب الاقتصادي ونطرح السؤال على الشعب هل نحن نظام رأس مالي أو رأس مالي اشتراكي أو رأس اشتراكي ..؟ وبعدها يمكن للشعب أن يصادق على هذه الصيغ ونذهب حينها إلى صياغة دستور حسب مفهوم النظام الذي يرضاه الشعب لنفسه وبالأغلبية ويستفتى عليه، بحيث يضع هذا الدستور الشعب وليس مجموعة لأننا تعودنا على مجموعة هي التي تصنع الدساتير للشعب وليس الشعب ولم يشرك الشعب إلا في الاستشارة والإاستشارة دوما فيها رائحة التزوير . العملية نفسها تمت في عهد الرئيس السابق ليامين زروال أين شاركت الأحزاب والتنظيمات الجمعوية، فما هي قابلية هذا الدستور من حيث الهيئات الدستورية اليوم، فالدستور تم خرقه لذا نريد الابتعاد عن هذا ولا يجب أن نبقى في هذا المجال فدستور 76 أو 82 أو 96 هو دليل يجب أن ينتهي فهذه الدستاير تم إقامتها أفقيا دون اللجوء إلى هذا الشعب، بحيث تبقى هذه الدساتير تابعة لأشخاص، هناك سلطة شعب لابد أن تحترم . السؤال ليس في أن كنا معنيين أو غير معنيين، فنحن لا نمثل الشعب، فلا بد من ميثاق اجتماعي واقتصادي وسياسي وبالتالي وجب معالجة الموضوع بأكثر شفافية وإشراك المواطن في هذه الإصلاحات . نحن نقول أنه لا يرقى إلى ما تطمح له الأجيال القادمة، فنحن نريد جزائر لأجيال الغد . لا بد من أن نقول كلمتنا ولا نبد أن نعبر عن وجهة نظرنا ونفرض رأينا وندافع عن فكر، ونحن لا نقبل أن تتخذ قرارات في غيابنا، نحن نتكلم داخل المجموعة أو خارجها والمعارضة ليست خارج المجموعة فقط بل هي بداخلها ايضا . ما نطالب به هو إبعاد الإدارة عن الرماقبة ومسايرة العملية الانتخابية وإدخال الهيئات القضائية في العملية وإشراكه فلا بد أن يكون القضاء مستقلا عن الهيئات الإدارية، كما يجب أن يتم حضور القضاة والموثقين والمحضريين القضائيين إضافة إلى محامين وادارة العملية الانتخابية وذلك باشراك المنتخبين، ولا بد أن تكون هناك لجنة مستقلة حيث تتم المراقبة من طرف المنتخبين مع إعطاء صورة طبق الأصل لقائمة الناخبين عند غلق الصندوق مباشرة وكذا السماح للأحزاب والمترشحين وضع مراقبين لهم وايضا التوقيع على محضر المراقبين، هذا بالإضافة إلى عدم تدخل الهيئات الأمنية وطرد مراقبي الأحزاب أو المترشحين من مكاتب الإقتراع إلا عند الظرورة القصوى، وكذا دفع مستحقات المراقبين من طرف رئيس الدائرة أو تخصص ميزانية توكل إما لمترشحين او القضاء لتسديد العالاوات للمترشحين ومراقبي المترشح . إذا كان هناك رغبة لدى الأحزاب السياسية التي لا تعمل على الكسب السريع، فكما تعلمون هناك أحزاب تحب البيع والشراء، ونحن نتجنب الخوض مع هذه الأحزاب، لذا نحن نفضل التحدث عندما تكتمل النية وحينما نؤمن أن هناك تغيير وإذا وجدنا مع أحزاب معينة سقف مشترك فالأكيد عندها أننا سننسق معهم . رئيس الجمهورية يقول أن أحزاب التحالف وظيفتهم تنفيذ برنامجه وربما هذه الأحزاب كانت على دراية بأفكار الرئيس في الوقت الذي كنا ننتظر نحن أن ينهي مهام البرلمان وينهي مهام الحكومة أو جزء منها على الأقل، لذا نحن نقول أن هذه الحكومة والبرلمان تشبه "العقد " لو فض تتناثر حباته ويصبح الشعب هو العقد السياسي . لا لا يمكن قول ذلك بل التحالف احتكر السلطة السياسية فهم متواجدون في الساحة، وهم متواجدون في الإعلام والإدارة . لا يمكن القول أن الاحتجاجات ليس لها طابع سياسي لأن الجانب الاجتماعي هو الفاعل السياسي والاقتصادي في نفس الوقت، وهذا التصعيد والخروج إلى الشارع يعني أن السياسة والاقتصاد فشلا وهو ما أدى إلى انتفاضة الشارع، صحيح نقول أننا نحتج دون صبغة سياسية، اليوم الشعب يرفض الموت جوعا يرفض سلب أمواله وأرزاقه وحقوقه الوطنية من طرف متسلطي السياسة، لذا نحن في حزبنا تأسسنا من أجل التغيير وليس من أجل احتكار السلطة من طرف مجموعة حاكمة، ولا بد لهذه الأفكار أن تتداول ولا بد من المعارضة اأن تدخل من باب السياسة وليس من باب التهديم والتحطيم، والمحافظة على كل القيم الروحية والوطنية للمجتمع فالمعارضة وظيفتها بناء نمط سياسي جيد . الفرق هنا أن الأرسيدي شارك في الحكم وهو شارك ولم يستطع الوصول إلى تحريك الشارع، فتحركه كان بأسلوب بعيد عن طموحات المواطنين، السياسية موقع موجود في كل انسان، والسياسة ليست قيمة تهديم أو انتقام وليست خيانة، السياسة، السياسة هي التي تجعلنا كيف نرتقي وكيف تجعلنا نقنع الآخر وكيف نقنعه بقبول أفكارنا . المعارضة في الجزائر والاعلام محتكران، وللأسف هناك احتكار واستحواذ على كل شيء، والنظام عندنا له ميكانزمات لمتابعة ومراقبة سواء على المستوى الإعلامي او الجمعوي وهذا للضغط عليها وربط الكل بمصالح ضغط، وابسط مثل على ذلك هي الحركات التصحيحية التي تحدث في الأحزاب . نحن أوضاعنا أحسن من أوضاع الآخرين من الجانب الاقتصادي لسنا كتونس أو كمصر حيث هناك المداخيل ضعيفة نحن ربما أسوأ من هؤلاء في مجال التسيير الاقتصادي، فنحن لدينا عجز في التسيير والمسيرون عاجزون عن الاستثمار في الإنسان والعيب أننا لم نستثمر في الإنسان ولم نستطع أن نجعل منه منتجا لو استثمرنا في الإنسان لكانت الجزائر اليوم في مستوى آخر غير الذي هي عليه اليوم، نحن لا نحبذ الانفجار ولا الفوضى، وعلينا ان نعترف أن الانسان الجزائري له وجهان وجه الطيبة ووجه العنف ولا يعرف الوسطية وكل ما نتمناه أن لا نصل إلى العنف ونتمنى من المسؤولين من أكبر مسؤول إلى آخره أن يحس بأن هذا الشعب له الحق في التعبير السلمي، ولا ننسى أن 70 بالمائة من سكان الجزائر شباب إذا لم نستطع الاستثمار في الإنسان ستكون ثمة أزمة حقيقية وانفجار، لذا نتمنى أن تترك الجزائر للجيل الجديد وفتح التحاور والتشاور وبناء مجتمع مبني على البناء بدلا من ضخ أموال النفط وسلب الأراضي الفلاحية الخصبة. نحن احترمنا القانون الأساسي وطبقناه وهو الذي يحكم الحزب، ونحن لم تكن لدينا خلافات داخلية أبدا، ومن لم يحترم القوانين، وحزبنا ليس حزب مساندة ولا يريد أن يساند برنامج من برامج السلطة يلجأ اليهم ولا يمكن أن يستغل هؤلاء حزبنا الذين يعد حزب الفقراء والمهمشين . نحن لا نخشى التعديلات ومن القوانين التي نخاف منها هو انتخابات الكوطة التي تطبق، وإن لم يحدث هذا نعد بأننا سنكون في موقع قوي لأننا نعبر عن الشعب فلا خوف على الأفانا من الجانب الشعبي بل الخوف من التزوير .