رغم التهديدات الإسرائيلية بوقف تقرير غولدستون، من خلال استعانتها بكبار اللوبيات اليهودية في العالم، للضغط على مجلس الأمن لمنع جر كبار القادة الإسرائيليين إلى المحكمة الدولية ومحاكمتهم كمجرمي حرب، على خلفية المجازر التي ارتكبت في قطاع غزة، نجحت المنظمات الحقوقية، لا سيما العربية، في تضييق الخناق على دولة الاحتلال، حيث صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة أول أمس، لصالح التقرير بأغلبية 114 صوتا، فيما رفضت 18 دولة وامتنعت 14 عن التصويت، وهو الفوز الذي يعتبر صفعة قوية لإسرائيل، رغم مساعيها الكثيفة لإفشال هذا التقرير. تصويت الجمعية العامة لصالح تقرير غولدستون، سيشجع منظمات حقوق الإنسان الدولية للمضي قدما للتقدم به لكافة المحاكم الدولية والوطنية التي تبحث جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، لا سيما تلك التي توجد داخل الدول الأوروبية، وهذا معناه أن دولة الاحتلال ستجد نفسها في مواجهة مع محاكم عديدة وليست المنظمات الدولية فقط، الأمر الذي يدل على نجاح الدبلوماسية الفلسطينية والعربية في مساعيها وجر إسرائيل لأول مرة إلى المحاكمة الدولية على خلفية جرائمها المتواصلة لحد الآن في حق المدنيين الفلسطينيين. كما أن صدور القرار لصالح التقرير سيزيد من الضغوط على إسرائيل، ويجبرها لإجراء تحقيق مستقل في ممارسات جيشها خلال العدوان الأخير على غزة. وحتى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، سيجد نفسه هو الآخر في حرج، الأمر الذي يدفعه للتحرك لمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين خاصة بعد رفض إسرائيل تشكيل لجنة تحقيق مستقلة، حيث أنه جاء في توصيات التقرير أنه في حال لم تستجب إسرائيل فإنه يجب على مجلس الأمن والجمعية العامة والمحكمة الجنائية الدولية التحرك لتنفيذ ما جاء فيه. رئيس حكومة إسرائيل المتطرفة، بنيامين نتنياهو، أكد بعد إقرار تقرير غولدستون في أكتوبر الماضي، أنه سيبذل ما في وسعه لمنع التصويت على التقرير الذي يدين بلاده إذ ظهرت معالم هذا التهديد مؤخرا، من خلال إعلان إسرائيل مؤخرا اعتراضها لسفينة، في البحر المتوسط وادعائها بأنها كانت محمّلة بالسلاح و قادمة من إيران باتجاه حزب الله وحماس، سعيا منها لإفشال التقرير، خاصة وأن هذا الأمر تزامن مع شروع الجمعية العامة للأمم المتحدة لمناقشة تقرير غولدستون، إلا أن محاولاتها باءت بالفشل، خاصة في ظل ضعف التبريرات الإسرائيلية أمام المجازر الفضيعة التي ارتكبتها في حق أطفال، نساء وشيوخ غزة، إلى جانب غياب حق الفيتو، الذي من المتوقع أن تستخدمه أمريكا في واشنطن، لحماية القادة الإسرائيليين، كدأبها في كل مرة عندما يتعلق الأمر بأمن إسرائيل.