كان أبعد ما يمكن أن يتصوّره كثيرون هو أن يكون الرجل الذي يشرف على قسم مكافحة الإرهاب في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه" رجلا مسلما، خاصة في ظل ما هو معروف من وحشية عن طبيعة المهام التي ينفذها هذا القسم. غير أن صحيفة واشنطن بوست الأميركية أماطت النقاب عن عدة تفاصيل هامة بهذا الخصوص، حيث أشارت إلى أن هذا الرجل يدعى روغر، وهو الاسم الأول لهويته المزيفة، وقد يكون الشخصية الأكثر أهمية في مجال الأمن القومي في الولاياتالمتحدة، وإن كانت أبعدها عن عالم الأضواء. هذا ولا يحاول المدافعون عنه أن يجعلوه يبدو شخصية محبوبة. ويؤكدون بدلاً من ذلك على المواهب التي يمتلكها على الصعيد العملياتي، وفهمه الكبير للعدو، والتزامه بالعمل. ومضت الصحيفة تنقل في هذا الإطار عن واحد من كبار مسؤولي السي آي إيه السابقين والذي كان من المشرفين على رئيس قسم مكافحة الإرهاب، قوله: "أفضل وصف يمكنني إطلاقه عليه هو أنه سريع الغضب. لكنه تحول إلى شخصية لا يمكن الاستغناء عنها تقريباً بفضل التراكمات التي يمتلكها على صعيد الخبرات والعلاقات". وأكد مسؤولون سابقون وحاليون في السي آي إيه في هذا الصدد، أن طول فترة بقاء روغر في منصبه هو أكثر ما يميزه، لأن المهام الخاصة بقسم مكافحة الإرهاب هي أكثر مهام الوكالة إرهاقاً وإجهاداً. فهي تشتمل على إدارة شؤون الآلاف من الموظفين ومراقبة العشرات من العمليات التي يتم تنفيذها في الخارج، واتخاذ القرارات بشأن هوية الأشخاص التي يتعين على الوكالة استهدافهم من خلال تنفيذ هجمات مميتة. وقد رفضت السي آي إيه التعليق على وضعية روغر، ولم تفصح عن أية معلومات بشأنه على خلفية نشر الصحيفة هذا الموضوع. كما رفض روغر نفسه عدة مرات إجراء أي مقابلات. فيما نوهت الصحيفة من جانبها بأنها احتفظت ببعض التفاصيل، بما في ذلك اسم روغر الحقيقي، واسم هويته المزيفة بالكامل، وسنه الحقيقية، بناءً على طلب من جانب مسؤولي الوكالة، الذين أبدوا تخوفهم على سلامته.
ثم لفتت الصحيفة إلى أنه تزوج أيضاً من سيدة مسلمة، قابلها في الخارج، وهو ما دفعه إلى اعتناق الإسلام. وقال زملاء له إنه لا يخجل من الإشارة إلى دينه، وإن لم يكن ملتزماً كما كان يبدو. فأشار مسؤولون إلى عدم وجود سجادة صلاة في مكتبه، على الرغم من أنه كان يمسك مسبحة. وبعد أن نوهت الصحيفة بسلسلة التكليفات والمهام التي تم إسنادها إليه على مدار الأعوام التالية، أبرزت ذلك التصريح الذي خصها به الجنرال ديفيد بتريوس، مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، والذي قال فيه: "ليس هناك ضابط في الوكالة أكثر قسوة أو تركيزاً أو التزاماً في ما يتعلق بمكافحة تنظيم القاعدة من رئيس قسم مكافحة الإرهاب". وختمت الصحيفة بنقلها عن مسؤولين استخباراتيين كبار حاليين وسابقين تأكيدهم أنه لم يكن من قبيل الصدفة أن تتزامن فترة رئاسة روغر لقسم مكافحة الإرهاب مع التفكك السريع بشكل ملحوظ الذي تعرضت له القاعدة، إلى جانب مقتل بن لادن العام الماضي.