كشف المخرج أحسن عصماني عن اقتراب جاهزية ملحمته الوثائقية "أسود الجزائر"، التي ستعنى بتخليد بطولات فطاحلة أمة تمتد أمجادها إلى ما يزيد عن العشرة آلاف عام. ذكر عصماني أنّ "أسود الجزائر" الذي شرع في التحضير له منذ العام 2008 الماضي، قد خضع للتقييم مؤخرا خلال اجتماع عقده المكتب الولائي للولاية التاريخية الثالثة، تحت إشراف مجموعة من المجاهدين، المؤرخين، وأعضاء من جمعية "كريم بلقاسم" التاريخية، إلى جانب صحفيين..ليبلغ عدد المشاركين 300 شخص، أوصوا بتسريع إجراءات إنجازه، نظرا لأهميته، وما سيضيفه للأجيال القادمة التي ستتعرف من خلاله على أبطال ثورتها، عملا بتعليمات رئيس الجمهورية القاضية بكتابة التاريخ. وقال عصماني المؤمن برسالة السينما وبُعدها عن التجارة، أن عمله الجديد – الذي يعتزم اختتام مسيرته الإبداعية بعد إنجازه، ليترك الأمانة كما قال للشعب الجزائري، والمجال أمام الجيل الصاعد من المخرجين - سيقدم كل المراحل التاريخية انطلاقا من جانفي 1945 إلى غاية الخامس من جويلية 1962، كما سيتطرق السيناريو الذي تداولت على تدقيقه كل الولايات التاريخية المعنية، وأعطت الموافقة عليه شهر ديسمبر من العام الماضي 2011، لجنة القراءة والبحث على مستوى وزارة المجاهدين، ويظهر في ساعتين ونصف من الزمن، 35 شخصية جهادية بارزة من أمثال، بن مهيدي، كريم بلقاسم، سي الحواس، عميروش، زبانة، عبان رمضان يأخذ كل واحد خلالها حقه في البروز،..حيث سيصور 30 حلقة تلخّص المسيرة التحريرية للجزائر بكل مراحلها، تؤخذ منها مشاهد الفيلم، لتظل المادة المصورة المتبقية أرشيفا يستفيد منه الطلبة والمهتمين بالتاريخ الجزائري. وأضاف صاحب التعاونية المغاربية للإنتاج السمعي البصري والسينماتوغرافيا، أن عمله قد تطلب الاستعانة ب 100 ألف و500 وجه تمثيلي، لتجسيد الثورات والأحداث ما جعله يفتح المجال أمام كل شرائح المجتمع من شيوخ وكهول وأطفال..جامعيين وعمال..وقال: "يعتبر "أسود الجزائر"، ملحمة لإعادة تجسيد الأحداث بكل معاركها وتحركاتها ومعاناتها وكأننا نشهد فترة الاستعمار من جديد، عكس ما تعود عليه المشاهد من معالجة سطحية في أفلامنا السابقة، وقد اخترنا حتى الآن من خلال كاستينغ قمنا به في كل من بومرداس، بويرة، سطيف.. 44 ألف من الوجوه التمثيلية، فاتحين الفرصة أمام من لم تتوفر لديهم خلال الفاتح من نوفمبر 54 لتعويضها". وأشار عصماني إلى أن إعادة تمثيل المعارك خلال فيلمه الذي وصفه ب "البطيء المتقن" بشكل واقعي، يتطلب عتادا عسكريا من الطراز القديم، لا تملكه وزارة الدفاع حاليا من طائرات ودبابات وبواخر.. ما دفعه لتقديم طلب لاستيراده، وقال:"اتصلنا بشركة صينية كبيرة تكفلت بتوفير العتاد العسكري المقلد المستعمل في هوليوود فقط، حيث ستكون المرة الأولى التي تنجز فيها معارك حقيقية على مستوى فيلم سينمائي في الجزائر، والمرة الأولى لدخول مثل هذا النوع من العتاد سننجز به المشاهد الخاصة ب"أسود الجزائر" ويبقى ملكا للدولة يستعمله مخرجون آخرون في أعمالهم القادمة". وحول الميزانية المخصصة لعمله الجديد، يذكر أحسن عصماني، أنها تفوق ال 160 مليار سنتيم، وضعت خلال العام 2010، أي قبل ارتفاع الراتب القاعدي، ويضيف:"هذه الميزانية تتعلق بالفيلم، دون العتاد الحربي المقلد الذي لا تتوفر لدى وزارة الدفاع إلا نسبة 10% منه، حيث سيتم استيراده من الصين، وسيرفق ب 21 تقني لتدريب ال 205 العاملين على مستوى الفيلم على كيفية استعماله". ومن جهة أخرى يعتبر مخرج ومؤلف "أسود الجزائر" فيلمه عملا وطنيا، سيعمل على تصوير معاناة 29 ولاية، وبطولاتها إبان الثورة، وقال أنه توثيقي يقترب إلى محاكاة الأحداث بواقعية بعيدا تماما عن الخيال، وبالتالي حاول إبراز أقرب الملامح لممثلي أدوار الشهداء الأبرار من المجاهدين حيث قدم طلبات لعائلاتهم تفيد بتقديم شبيه لكل منهم حتى يجسد الدور على مستوى العمل، وأكد عثوره على شبيه العقيد محمد ولحاج، كما سيستخدم بطل فيلم "زبانة" لمخرجه سعيد ولد خليفة، وهو بصدد العثور على شبيه كريم بلقاسم، وسيواصل مسيرة بحثه رفقة اللجنة التقنية المهم رأيها في الموضوع حتى يظهر العمل بمستواه المرجو. وأشار عصماني، الذي يعمل منذ ثلاثين عاما في مجال التوثيق لتاريخ الثورة، والذي يملك أرشيفا مصورا تفوق مدته ال 2000 ساعة، والحاصل على جائزة منظمة اليونيسكو "رجل السلم" للعام 1999، إلى الخطر المحدق بمصداقية التأريخ لثورتنا المجيدة، في حال واصلنا الاعتماد على شركات أجنبية لإنتاج أعمالنا. مؤكدا على وجوب التفكير قبل الإقدام على هذه الخطوات والتزام الحيطة والحذر من بعض المنتجين الأجانب ونواياهم في التغاضي عن الجرائم الاستعمارية ومخلفاتها في الجزائر:" ليس لدينا الحق في الخطأ أو التهاون إذا ما تعلق الأمر بتضحيات جسام، ودماء طاهرات ضحى أصحابها بها لتحقيق الاستقلال الذي ننعم به اليوم". وحول موعد انطلاق تصوير العمل، قال عصماني:"أمامنا مدة عام لتدريب الممثلين على حمل السلاح والمشي وخوض المعارك.. كما أننا ننتظر الموافقة النهائية للشروع في تصوير "أسود الجزائر" المسجل في إطار الأعمال المنجزة للاحتفال بخمسينية الاستقلال" .