يقصد المسلمون من كل أرجاء المعمورة البقاع المقدسة كل عام لأداء فريضة الحجّ، ونظرا لكثرة توافد أناس من مختلف الجنسيات يصبح المكان مؤهلا لانتشار مختلف الأمراض، كما أنّ اهتمام كل واحد بأداء هذه الفريضة قد ينسيه حالته الصحية، فالحجّ يتطلب توعية طبية قدمها لنا الدكتور محمد شريف بلعربي. دوار السفر من أول الأعراض التي أكّد الطبيب أنها تنتاب الحاج. حيث يشعر هذا الأخير بالغثيان والدوار، ولكن الأمر لا يدعو للقلق لأن هذه الأعراض سرعان ما تزول بأخذ قسط وافر من الراحة. وتعتبر ضربات الشمس أيضا من أكثر الإصابات التي تؤثر على الفرد أثناء تأديته لمناسك الحج الذي تزامن مع أيام الحرّ، حيث يتأثر الحاج بسبب التعرض لها لساعات طويلة ما يؤدي إلى شعوره بإرهاق وتعب شديد ناجم - حسب المتحدث- عن فقدان كميات كبيرة من الماء زيادة على الأملاح المعدنية، لذا يبقى استعمال المظلات الشمسية وشرب كميات كبيرة من الماء من أهّم الإحتياطات الواجبة. وخلال موسم الحج يزيد احتمال انتشار كثير من الأمراض المتنقلة بين الأفراد الذين يأتون من كل فجّ ما يشكل خطرا على الصحة عموما، على غرار التيفوييد، الانفلونزا وغيرهما، وفي الصدد يذكّر الطبيب الحجاج بجملة التطعيمات المقرّرة تفاديا لإنتقال بعض الأمراض، كما عليهم تجنّب الاحتكاك بالحجيج ممن يصابون بأعراض أمراض معدية. وفي السياق ذاته يحصر د/ بلعربي. أعراض تلك الأمراض السريعة الإنتقال بين الصداع، الرغبة في التقيؤ، الإسهال وآلام البطن، وفي حال تعرّض الحاج لهذه الأعراض ينصحه الطبيب بالإتصال بأقرب مركز صحي متخصّص تفاديا لمضاعفات تلك الإصابات. الحاج والأمراض المزمنة إن عملية الكشف الصحّي المسبق من بين أهم الإستعددات التي يجب أن يقوم به من يقصد البقاع المقدسة لأداء مناسك الحج، حيث يمكّنه ذلك التشخيص العام من تحديد مدى قدرته الجسمية على أداء هذه الفريضة، وفي حال منع من طرف الأطباء فعليه الإلتزام تفاديا للضرر، الحجاج المصابون بمرض السكري، يقول الدكتور بشأنهم أنهم يحتاجون إلى عناية خاصة لا سيما من يستعملون الأنسولين، حيث ينبغي على الحاج المحافظة على مواعيد وكميات الدواء وحتى مراقبة نوعية الطعام من أجل المحافظة على نسبة السكر في الدم، لذا يمنع عن تناول كميات كبيرة من السكريات البسيطة، وحتى المعقدة على غرار العجائن لتبقى الخضر والفواكه أفضل الأغذية المطلوبة. إن مناسك الحج والتعب الناجم عنها قد يؤدي إلى انخفاض نسبة السكر في الدم، وهو ما يجب أن يحتاط له كل حاج. بدورهم، ينصح الأطباء مرضى الضغط الدموي من الحجيج بالالتزام بدوائهم وعدم التهاون بمرضهم مع تجنّب استعمال كميات كبيرة من الملح، فيما يبقى قياس الضغط واجبا يوميا. الحاج المصاب باضطرابات في الجهاز الهضمي عليه الإلتزام بالنظام الغذائي الموصوف له من خلال الإبتعاد عن جميع الأطعمة المضّرة له والوقاية من بعض الطفيليات التي تؤثر على عمل المعدة والأمعاء من خلال نظافة الأكل واليدين. أما عن أصحاب الأمراض الجلدية فيؤكد الطبيب أن منهم من يمنع سفره إذا كان مرضه الجلدي معديا، أما إذا كان غير ذلك فإنه يبقى بحاجة إلى عناية مع الحرص على نظافة الجلد والملابس والإلتزام بالدواء مع الإبتعاد عن المسببات التي يمكن أن تثير المرض وتزيده من حدّة. وبخصوص مرضى الربو فيقول المتحدث ذاته أنهم مطالب بعد نسيان مختلف الأدوية والبخاخة، والتي تساعدهم على التنفّس خلال الحّج لذا وجب أن تبقى معهم لإستعمالها كلما استدعت الحاجة إلى ذلك. ولا يتم منع مرضى القلب عن أداء الحج إلا في بعض الحالات التي يقول الدكتور أنها تعرضّت مؤخرا لجلطة قلبية، وتعاني من انسداد شديد في الشرايين القلبية، في حين ينصح الحاج المصاب بأمراض القلب بالإلتزام بالدواء الموصوف له ويتفادي ارهاق نفسه في الزحام، مع أخذ قسط من الراحة في حال الشعور بالتعب، كما عليه الخضوع للفحص في حال اشتكى من أعراض مرض القلب. مرضى الكلى بدورهم يتأثرون كثيرا بسبب التعرّض المكثّف لأشعة الشمس ما يؤدي إلى فقدان كمية كبيرة من الماء والأملاح، وهو ما يؤثر على عمل الكلى، لذا ينصحون – حسب الطبيب -بتناول كميات كبيرة من الماء وتجنب التعرّض المطوّل لأشعة الشمس مع اتبّاع نظام غدائي صحي، وإذا كانت بعض حالات القصور الكلوي لا تمنع سفر الحاج فإن الفشل الكلوي يمنعه حتما من ذلك لأنه يشكل خطورة كبيرة عليه. شروط النظافة والسلامة تبقى ضرورية يرتبط موسم الحج بجملة من الإحتياطات الصحيّة التي يجب على الحاج الإلتزام بها، ومن أهمها يذكّر بلعربي، بضرورة احترام شروط النظافة في اللباس والأكل، وتجنّب تناول مختلف المأكولات من دون التأكّد من صلاحيتها أو تلك التي تكون معرضّة للهواء، حيث يجب أن تبقى محفوظة بعيدا عن الحرارة. كما ينبغي تجنّب الأماكن قليلة التهوية من أجل التقليل من التعرّض لتلك الميكروبات المتنقلة عن طريق الهواء. ليختم الطبيب جملة نصائحه بغية الحفاظ على سلامة الحجيج من خلال الإمتناع عن استعمال القاروات وتجنّب استعمال مواد السريعة الإشتعال مع الحفاظ على نظافة المكان ورمي النفايات في أماكنها المخصصة.