انقلبت الحركات الاستعراضية للمخزن ضد الجزائر خلال الأيام الأخيرة عليه، حيث أخرج دون أن يدري قضية الصحراء الغربية إلى واجهة الإحداث عشية زيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى المنطقة بشكل سيجعلها نقطة محورية في المحادثات ويزيد الضغط الدولي على الرباط بشأن الملف. توالت الضربات الدبلوماسية على المخزن خلال الأيام الأخيرة بشأن ملف الصحراء الغربية بداية بوقوف المبعوث الأممي على انتهاكات حقوق الإنسان في المدن المحتلة بمناسبة جولته الأخيرة التي تزامنت مع قمع وحشي مظاهرات للصحراويين بشكل جعله يفقد صوابه ردا على رسالة الرئيس بوتفليقة لندوة أبوجا من أجل دعم توسيع مهام المينورسو لتشمع حقوق الإنسان بالأراضي المحتلة. ويعكس لجوء الرباط إلى استدعاء سفيرها بالجزائر ردا على رسالة الرئيس بوتفليقة حجم التخبط الذي يعيشه المخزن بحكم أن هذا الخطاب الموجه لندوة بنيجيريا تخص ملف الصحراء الغربية لم يخرج عن مواقف الجزائر المعتادة من القضية وهو ما يؤكد أن المخزن أحس بعجز دبلوماسيته عن تسويق طرحه بشأن الملف وبالتالي لجأ إلى هذه الخطوة لتسجيل سبق دبلوماسي يرفع عنه الضغط لكن الأمر يبدو أنه جاء عكس توقعاته بحكم أنه أخرج القضية الصحراوية إلى واجهة الأحداث مجددا. وكان الرد الجزائري الهادىء على هذه الخطوة المغربية دليل بالتأسف على اتخاذها واعتبارها غير مبررة رسالة من الجزائر على أن القضية الصحراوية نزاع بين طرفين هما المخزن والبوليزاريو ولايمكن لهكذا حركات أن تجر الجزائر إلى مستنقع الصراع. وتبرز أهمية الإنعكاس السلبي للحركات الإستعراضية للمخزن في تزامنها مع جولة مرتقبة لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى المنطقة خلال أيام بشكل سيجعل من الملف محوريا في المحادثات، وبالتالي خروجه إلى الواجهة من جديد وزيادة الضغط الدبلوماسي على المغرب لاحترام حق الصحراويين في تقرير مصيرهم أو على الأقل وقف عرقلة تنظيم استفتاء تقرير المصير وكذا وقف انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي التي يحتلها. وتبرز أهمية دخول الولاياتالمتحدة على خط النزاع في ماسبق أن تلقاه المخزن من صفعة دبلوماسية من واشنطن عندما رفضت الأخيرة مطلع العام الماضي على البحث عن مبعوث جديد للأمم المتحدة في النزاع ليخلف الأمريكي كريستوفر روس، ويبقى السبب واعتبرت اعتراض المغرب على الدبلوماسي الأمريكي موقفا غير مناسب خاصة وأنه يتكرر للمرة الثانية في ظرف ثمان سنوات. وكان وزير الخارجية المغربي السابق سعد الدين العثماني، أكد في البرلمان بعد ذلك أن دبلوماسية واشنطن عاتبته على موقف المغرب برفض المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في نزاع الصحراء الغربية، كريستوفر روس. وطالبت واشنطنالرباط بأدلة مقنعة حول تحيز كريستوفر روس إلى البوليساريو. ويعود قلق الولاياتالمتحدة من هذه التحركات المغربية لسببين، الأول أن المغرب يعترض للمرة الثانية على مبعوث للأمم المتحدة من أصل أمريكي، وكان الاعتراض الأول غير مباشر بل تحفظا، ويتعلق الأمر بوزير الخارجية الأسبق جيمس بيكر الذي قدم استقالته كمبعوث في الصحراء الغربية سنة 2004 والاعتراض الثاني يشمل كريستوفر روس وهو دبلوماسي أمريكي. أما السبب الثاني هو أن واشنطن لا ترى بعين الارتياح اعتراض الرباط على مبعوث أمريكي في وقت يعتبر روس هو المبعوث الأممي الوحيد من أصل أمريكي في ملف أممي وهو ما أدى بالمخزن إلى الرضوخ للأمر الواقع.