أرغم في الآونة الأخيرة أصحاب المركبات على اتخاذ احتياطاتهم تفاديا للوقوع في أي مخالفة قد تؤدي إلى حادث مرور إضافة إلى العقوبات الأخرى التي تطبق على مخالفي القانون كالسحب الفور لرخصة السياقة، فبالرغم من القوانين الردعية المنظمة لقانون سير حركة السيارات، إلا أن حوادث المرور لاتزال تحدث، والأسباب يتقاسمها كل من الراجلين والسائقين على حد سواء في ظل غياب القوانين التي تنظم حركة الراجلين. إن استهتار مستعملي الطريق يشكل أحد أسباب حوادث المرور والذين يشكلون نسبة معتبرة من الضحايا، حيث يصطدم بهم أصحاب السيارات وذلك عند اجتيازهم للطريق فجأة، وتزداد هذه الحوادث في المناطق الحضرية ذات الحركة الكثيفة للمشاة، ويعود سبب الكثير من حوادث المرور إلى انعدام ثقافة سير الراجلين في الطريق. إن المشرع الجزائري فرض عقوبات صارمة على السائقين، الأمر الذي جعل هؤلاء يتخوفون من أية مخالفة، ولكنه زاد من جهة أخرى من استهتار الراجلين وذلك لعدم التزامهم بقواعد تضمن سلامتهم أثناء السير في الطريق، وهذا ما يزيد من حوادث المرور التي يذهب ضحيتها الراجلون بسبب سيرهم وسط الطريق أو اجتيازه، خاصة الطرق السريعة وعدم استعمال الممرات العلوية وعدم احترام إشارات المرور، وهنا تستحضرنا بعض المشاهد التي يندى لها الجبين والتي كانت لولا لطف الله سببا في حوادث خطيرة. فكثير من الناس أصبحوا يقطعون الطرق السريعة، غير مبالين بالخطر الذي قد يودي بحياتهم كإحدى الفتيات التي قررت قطع الطريق الفاصل بين علي ملاح بساحة أول ماي ومستشفى مصطفى باشا الجامعي بالرغم من توفر ممر علوي قريب منها كان بإمكانها التوجه إليه بدل الوقت الذي أضاعته وهي تنتظر الفرصة المناسبة لقطع الطريق إلى الجهة الأخرى؛ ولكن بمجرد أن عبرت باغتتها سيارة في سرعة فائقة فترددت إما أن تقطع أو تعود إلى الخلف، وهي في وسط الطريق، ولو لا تحكم السائق في فرامل السيارة بسرعة لنقلت إلى المستشفى في سيارة الإسعاف لا على قدميها، إضافة إلى عدم احترام إشارات المرور، وهذا ما لاحظناه في كثير من الأحيان في ساحة الوئام بالعاصمة، فبالرغم من أن الإشارة تمنع مرور الراجلين، إلا انه بمجرد أن يرى المارة السيارة بعيدة نوعا ما حتى يقطع الطريق مسرعا، ويكفي أن يتجرأ واحد على ذلك ليتبعه الجميع. إن الوقوف الفوضوي لأصحاب السيارات على الأرصفة التي جعلوا منها مساحة مخصصة لركن سياراتهم يدفع بالراجلين للسير على حافة الطريق مما قد يعرضهم للعديد من الاصطدامات، ناهيك عن التجار الذين احتلوا الأرصفة وحولوها إلى مساحة مخصصة لعرض مختلف البضائع، وهذا ما تشهده أرصفة ساحة الشهداء، أين أغلقت الطرق على المشاة، بل حتى على الحافلات بالرغم من أن لها موقفا مخصصا لها؛ ولكن الوصول إليه ليس سهلا أمام ذلك العدد الهائل من السلع المعروضة على الطريق. وتشهد هذه الظاهرة انتشارا في المدن والمناطق الحضرية دون مراعاة أي ضوابط، رغم رفض قانون المرور لهذه السلوكات، وخاصة أن هناك مادة تنص على إعطاء أولوية السير على الرصيف للراجلين وتمنع أي استعمال آخر للأرصفة التي من شأنها إعاقة حركة المرور وهذا ما نلاحظه في المدن الكبرى، حيث تحولت أرصفة سير الراجلين إلى معرض للسلع ما يسبب عرقلة في حركة المرور، وبالمقابل قد تكون الأرصفة موجودة وغير مزدحمة، ولكن المشاة يفضلون السير في الطريق معرضين حياتهم للخطر.