عقب تغيير استحدث على شهادات يتحصل عليها طلبة الدراسات الجامعية التطبيقية نهاية مسارهم الجامعي، طفت إلى السطح في الجامعة الجزائرية رواسب ما يسمى "الملف الأسود"، ما يليها من عراقيل تصادف حملة هذه الشهادة في التوظيف. الطلبة الحاملون لشهادة الدراسات التطبيقية لم يتمكنوا رغم مرور سنوات على إقرار الإصلاح بالجامعة من افتكاك المعادلة البيداغوجية والمهنية كباقي الشهادات، سواء من الوزارة الوصية أو من الوظيف العمومي. يقول خالد قليل، رئيس جمعية حاملي شهادة الدراسات التطبيقية، أن طلبة هذه الفئة وعددهم 120 ألف، انتظروا الفصل من الوزارة الأولى عقب رفع ملفهم إليها بتاريخ 31 ديسمبر2013 وخاصة عقب تعليمات وجهها عبد المالك سلال إلى الوزارة المكلفة بإصلاح الخدمة العمومية ووزارة التعليم العالي من أجل فتح تحقيق شامل يحصر دراسة ملف حاملي شهادة الدراسات الجامعية التطبيقية (بكالوريا زائد 3 سنوات جامعة) من مختلف جوانبه، بما يُمكن من إقرار الإجراءات الواجب اتخاذها. وأفضت تعليمة سلال إلى تقديم الوزارة المكلفة بإصلاح الخدمة العمومية تقريرا مفصلا، ابعدت المسؤولية عن نفسها فيه، وأيضا مسؤولية إقرار المعادلة التي أكد الطلبة الحاصلون على شهادة البكالوريا +3 سنوات من الدراسة الجامعية التطبيقية تمسكهم بها، وموازاة مع مطالبة الطلبة بإعادة النظر في الصيغة الكتابية المرسلة للوظيف العمومي والتي تقتضي منح القيمة العلمية والمهنية الحقيقية لهذه الشهادة، حسب ما ينص عليه قانون المديرية بتصنيفها في المجموعة (أ)، التي تضم شهادات الإطارات الجامعية، بدل تصنيفها الحالي في المجموعة (ب) برتبة 10 وتضم الشهادات التكوينية وشهادة التكوين عن بعد والتي لا يحمل المدرجون ضمنها شهادة البكالوريا. وقال رئيس الجمعية إن تعامل الجهات الوصية مع الملف خلال تولي الوزير السابق رشيد حراوبية والوزير الحالي لحقيبة التعليم العالي اتسمت بالسلبية في موقفها اتجاه مطالبهم، والاثنان لم يتحملا مسؤولية الفصل في الملف، بدعوى أن الجانب المهني لا يدخل في إطار تخصص وزارة التعليم التي تتمحور مهمتها في المجال البيداغوجي فحسب، ليتم مباشرة تقاذف هذا الملف الذي يضم فئة معتبرة من الطلبة بين الوزارتين، في وقت ينبغي إيجاد حل مشترك بينهما لهؤلاء الطلبة، التي كونتهم الجامعة الجزائرية. تمييز في مسابقات التوظيف أما عن الاحتجاجات التي نظمها الطلبة من 2012 إلى 2013 ولم تكلل بافتكاك مطلب من المطالب المرفوعة، في ظل عدم تجاوب الجهات الوصية معهم، اعتبرها المتحدث تأكيدا على ضرورة إيجاد حل جذري لمشكلتهم عبر استكمال وزارة التعليم العالي واجبها اتجاه الطلبة المتخرجين بتأمين معادلة الشهادة الجامعية لدى الوظيف العمومي بما يكفل لهم الحصول على مناصب عمل. وذهب رئيس الجمعية إلى القول أن الطلبة يتعرضون إلى التمييز لدى اجتياز مسابقات التوظيف بحيث يتم معاملة نتائجهم على أساس أنها لمترشحين لا يحملون شهادة مؤهلة، وهو ذات السيناريو بالنسبة للتوظيف على مستوى وكالة التشغيل "أنام"، التي توفر مناصب عمل بعقود مؤقتة ل40 بالمائة منهم مقابل أجر أدنى من الأجر القاعدي، إذ لا يتجاوز مبلغ 10000 دينار. مباركي يناور وإقصاء في الماستر جدّد محمد مباركي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي في التقرير الذي رفعه إلى الوزير الأول تهربه من مسؤولية إقرار المعادلة مع الشهادات الجامعية التي طالب بها الحاصلون على شهادة الدراسات التطبيقية DEUA، وإعادة الصيغة الكتابية، التي تحدد تصنيف هؤلاء الطلبة، على اعتبار أنها لا تدخل في إطار صلاحياته، في الوقت الذي ينبغي عليه الفصل النهائي في هذا الملف العالق، بصورة مستقلة دون الحاجة إلى المراسلة الوزارية، مثلما يقول الطلبة "الضحايا". وتعرض العديد من الطلبة في السنوات الماضية إلى الإقصاء من المسابقات الجامعية التي تمكنهم من مواصلة دراساتهم الجامعية العليا سواء الماستر أو الدكتوراه، بسبب عدم الاعتراف بالمعادلة بين الشهادات، على غرار ما تعرض إليه طلبة ولاية جيجل، بحيث رفض نائب العميد تمكينهم من اجتياز المسابقة، شرط إصدار قرار وزاري تم تحوير ما ورد فيه وأُقصي 300 طالب من تخصص الهندسة الميكانيكية بجيجل. الوظيف العمومي يعيد الكرة ل6 وزارات اجتمع أمناء قطاعات وزارية بمديرية الوظيف العمومي يوم الاثنين الماضي، لمناقشة ملف الطلبة حاملي شهادة الدراسات التطبيقية تنفيذا لما ورد في مراسلة الوزارة الأولى شهر ديسمبر المنصرم والتي تلزم وزارة التعليم العالي بإعداد تقرير مفصل عن وضعيتهم، وشارك في هذا الاجتماع الذي عقد بمديرية الوظيف العمومي كل من وزارة الصيد، المالية، الفلاحة، الطاقة والمناجم، الموارد المائية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي. قال مدير الوظيف العمومي بلقاسم بوشمال إن ملف طلبة الدراسات التطبيقية DEUA لا يعد مشكلا بالنسبة للمديرية، على اعتبار أنه يطرح لدى الجهة الوصية المكلفة بمنح هذه الشهادات، والتي يتوجب عليها الفصل في مشكل الصيغة الكتابية المطروحة من قبل الطلبة المعنيين بهذا الملف. وكانت الوزارة المكلفة بتحسين الخدمة العمومية في تعليمات أصدرتها الأسابيع المنصرمة حول الشهادات الجامعية وتكييفها مع متطلبات سوق العمل، استثنت حاملي شهادة DEUA بحسب ما ورد في الصيغة الكتابية التي قدمتها وزارة التعليم للوظيف العمومي بخصوص عدم التمييز بين الشهادتين في المراسلة التي وجهتها إليها والتي على أساسها يتم تصنيفها في المجموعة "أ" بدل المجموعة "ب" التي تضم الشهادات التكوينية فحسب. برلمانيون تخلوا عن مساندة طلبة DEUA وآخرون تبنوها عكف نواب البرلمان بغرفتيه خلال جلسات عقدت في السنوات الماضية على طرح مشكل طلبة "الملف الأسود" على مختلف الجهات الوصية في محاولة منهم إلى اقتناص قرار رسمي يفصل فيها، إلا أن هذه الحركة النوابية الضاغطة عرفت خمودا في الآونة الأخيرة عقب تراجع العديد منهم عن طرح الملف في جلسات المناقشة. وتسلم رئيس الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية لخضر بن خلاف مهمة إعادة بعث الملف في الدورة الخريفية المنصرمة، موازاة مع رفع العديد من المراسلات إلى الوزير الأول لمطالبته بالتدخل المباشر وتسوية وضعية 120 ألف طالب، التي لم تسو بالجامعة منذ أكثر من 20 سنة. وكشف النائب رمضان تعزيبت عن حزب العمال إدراج ملف هؤلاء الطلبة في إطار الملفات التي سيطرحها حزب العمال على البرلمان في الدورة الربيعية القادمة، وأضاف أن هذه الفئة الطلابية نتاج الإصلاحات العشوائية التي تم إدخالها على المنظومة الجامعية والتي ستنعكس بصورة سلبية ومباشرة على مسألة التنوع والتغطية بسوق العمل الداخلية. "الكناس" يطالب بإعادة الاعتبار للشهادة أكد عبد المالك رحماني، رئيس المجلس الوطني المستقل لأساتذة التعليم العالي "الكناس"، أن الوزارة الوصية مطالبة بتقديم جواب صريح ومقنع للطلبة الحاملين لشهادة الدراسات التطبيقية، حول أسباب عدم إقرار المعادلة بين شهادتهم وشهادة طلبة "ال.ام.ادي"، وحتى فيما يتعلق بمسألة الاعتراف بالشهادة التي يحملونها. وأضاف المتحدث أن الوزارة الوصية السابقة التي تولاها رشيد حراوبية هي التي افتعلت مشكل المعادلة، من حيث عدم تقديمها جل التفاصيل المتعلقة بالشهادات الجامعية التي يتحصل عليها الطالب، عقب إقرار اعتماد النظام الجديد بالجامعة، أل أم دي، على اعتبار أنها كانت متمخضة عن قرارات ارتجالية تفتقد إلى الدراسة المعمقة، والاستشراف المستقبلي الذي يجنب الأفق الجامعي الوقوع في مثل هذه المطبات، على حساب نوعية الشهادات، وذلك من منطلق أن القرارات السابقة أعطت شهادات تكوينية، وشهادات جامعية تُصنف أمّا ضمن النظام الكلاسيكي أو الجديد وخاضعة لحجم نفس سنوات الدراسة، إلا أنها تختلف من حيث الإجراءات المعتمدة في التعامل معها كشهادة مؤهلة تُدرج في التصنيف الوظيفي. واعتبر رئيس "الكناس" هذه الأساليب الارتجالية المنتهجة من قبل مسؤولي الجامعة "سببا رئيسيا في بروز لوبيات مُوجّهة لتخصصات جامعية معينة"، على حساب الطلبة، في ظل غياب فتح المجال أمام النقاش والحوارات الجامعية الوطنية، الأكاديمية المدروسة التي تمكن من الوقف على النقائص، في الوقت الذي كان يجب فيه إشراك الطرف الجامعي بمختلف مكوناته، وزارة المالية والوظيف العمومي بما يحقق التنسيق المستمر بين النهج الجامعي والوظيفي. وشدد عبد المالك رحماني على ضرورة إخراج قاعدة "الكيل بمكيالين" من الأوساط الجامعية، على اعتبار أن هذا الأسلوب خلق العديد من التناقضات بالجامعة الجزائرية.