رفضت الحكومة الجزائرية استقبال وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير إذا لم تغيّر بلاده موقفها من الإجراءات التي تستهدف المسافرين الجزائريين في مطاراتها. ووضعت باريس الجزائريين ضمن قائمة بمواطني دول تشملهم إجراءات تفتيش استثنائية في المطارات، في أعقاب محاولة شاب نيجيري يعمل لمصلحة تنظيم «القاعدة» تفجير طائرة ركاب أميركية يوم عيد الميلاد الشهر الماضي فوق ديترويت. وأفادت مصادر مطلعة أن زيارة كوشنير التي كانت مبرمجة خلال هذا الشهر، ألغيت بسبب اعتذار الحكومة الجزائرية عن عدم تمكنها من استقباله في ظل الإجراءات التي تستهدف مواطنيها المسافرين. واحتجت الحكومة الجزائرية نهاية العام الماضي لدى كل من باريس وواشنطن على الإجراءات الخاصة بالمسافرين الجزائريين. لكن الخلافات القائمة بين الجزائروفرنسا تحديداً شهدت تفاقماً بسبب غضب الجانب الجزائري من عدم تعاطي الحكومة الفرنسية في شكل إيجابي مع «التنديد» الرسمي الذي قدّمته حكومة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة ضد وضع المسافرين الجزائريين في خانة « المشبوهين» على الأراضي الفرنسية وفرض إجراءات استثنائية ضدهم في المطارات. وحسب ذات المصادر فأن الجزائر أبلغت الحكومة الفرنسية عدم تمكنها من استقبال كوشنير سوى في حال تجاوبت باريس مع احتجاجها وسحبت الإجراءات الخاصة بالمسافرين الجزائريين. وأُفيد أن كوشنير أُبلغ برفض الجزائر استقباله في كانون الثاني (يناير) الجاري لهذا السبب، فطلبت فرنسا مهلة لدرس إمكان التعاطي مع الاحتجاج الجزائري، وهو الأمر الذي أدى إلى طلب باريس برمجة زيارة كوشنير خلال الشهر المقبل. وكانت زيارة وزير الخارجية الفرنسي للجزائر ستتزامن مع بدء سريان الإجراءات الأمنية على الجزائريين، وهو الأمر الذي خشيت معه السلطات الجزائرية أن يتم تفسيره بأنها «وافقت على الإهانة» ضد مواطنيها و«زادت على الإهانة باستقبال صاحبها»، كما قال مصدر مطلع على خلفيات التوتر الجديد بين البلدين. وقال المصدر إن كوشنير كان آتياً إلى الجزائر على ما يبدو «من دون أجندة عمل واضحة»، وإن كان يُتوقع أن يكون هدفه الرئيسي السعي إلى «حلحلة المشاكل» التي أدت إلى إرجاء زيارة الرئيس بوتفليقة لباريس العام الماضي والسعي إلى ترتيب زيارة أخرى قبل حزيران (يونيو) المقبل، بحسب ما اتفق عليه البلدان مبدئياً في السابق. وجاء ملف الإجراءات الأمنية ضد الجزائريين ليُضاف إلى ملفات كثيرة أخرى توتّر العلاقات بين البلدين. وترغب الجزائر في الوقت الراهن في «إكمال ورشة عمل بدأت قبل سبعة أشهر بهدف تجديد اتفاقية العام 1968 بخصوص الجالية والمهاجرين» الجزائريين في فرنسا، وكذلك «أن توضح فرنسا موقفها من طلب الجزائر تسليمها الأرشيف الاستعماري كاملاً»، إضافة إلى حل قضية اعتقال ديبلوماسي جزائري في باريس بتهمة التورط في جريمة قتل معارض جزائري قبل سنوات طويلة، وأيضاً تسوية تداعيات ملف «رهبان دير تيبحيرين» الذي قال ديبلوماسي فرنسي إنهم قُتلوا من طريق الخطأ على يد قوات الأمن الجزائرية وليس «الجماعة الإسلامية المسلحة» عام 1996.