أصبحت الحمامات وجهة المرضى نظرا لنقاوتها وصفاء مياهها، وليس هذا فحسب، فإن المواطنين، وخاصة منهم المرضى صاروا يقصدونها من مختلف جهات الوطن حتى يستفيدوا من مياهها، والتي يسبحون فيها ويشربون من حنفياتها كذلك، فتمنحهم نشاطا وقوة، وتشفيهم من بعض الأمراض التي لم يجدوا لها دواء حتى عند الأطباء، وخاصة إذا تعلق الأمر بأمراض الكلى. في نهاية العطلة الأسبوعية قابلنا بعضا ممن اعتادوا على ارتياد الحمامات التي يقولون إنهم فعلا جربوها، وجربوا فعاليتها، ومن هؤلاء فيروز التي تفضل القدوم في فصل الخريف، ولكنها أيضا تأتي في الفصول الأخرى، أي ما إن تتاح لها الفرصة، مثلما فعلت مع حلول شهر ديسمبر، وهي التي أصيبت بمرض في الكلى، ولم تنفع معها لا المستشفيات التي كانت تزورها، ولا الأطباء ولا شيء، بل إنّ طبيبا مختصا نصحها بأن تزور حمام الشيقر، والواقع بولاية تلمسان، وبعد أن فعلت، أي بعد أن أقامت في ذلك الحمام مدّة، عادت لتصارحنا بتأثيره عليها: (لقد اتجهت إلى الشيقر بعد أن نصحتني به بعض الصديقات واللائي أصبن هنّ كذلك قبلي بمرض الكلى، وعالجوا أنفسهم في تلك الحمامات المعدنية، والتي تمنح الجسم نقاوة وصفاء، ولا أظنني مخطئة إن قلت إنها أحسن بكثير من الطب الحديث، على الأقل بالنسبة لي، فأنا جربتها بنفسي، وحتى الطبيب نصحني، وبعد أن أعطاني بعض الأدوية والتي لا تفعل شيئا سوى أن تسكن الألم نصحني بأن اتجه إلى إحدى تلك الحمامات المعدنية ففعلت، وأنا، والحمد لله، أحسن من قبل بكثير). أمّا كريمة التي لم تكن تصدق يوما أنها يمكن أن تقطع مئات الكيلومترات من العاصمة إلى معسكر فقط لتستحم وتشرب من مياه حمام بوحنيفية المعدني، والذي اكتشفت فيه مؤخرا عينا تخرج منها مياه معدنية عذبة تم تحليلها من طرف خبراء، قالت لنا إنها شفيت بفضل الله، ثم بفضلها من مرض الكلى الذي لازمها سنوات، والذي لم تجد له من حل، وتصارحنا بتجربتها قائلة: (لم أكن في البداية أؤمن بأن مياها يمكن أن تفعل ما يعجز عنه الطب، وكنت أسمع شهادات الأشخاص الذين شفيوا، فأقول إنّ الأمر بسيكولوجي فقط، ولكنني ذهبت وقمت بشرب ذلك الماء، وعندما طرحته بعدها اكتشفت أنّ الحجارة التي كانت عالقة بكليتي كلها ذهبت، وبالفعل شعرتُ بتحسن كبير، فصرت أنصح صديقاتي ومعارفي بالذهاب إلى الحمامات المعدنية المختلفة، من حمام بوحنيفية إلى حمام المسخوطين أو حمام بني حوا بتنس، كلها حمامات نافعة وجميلة). الكثير من المواطنين، يتجهون إلى العلاج الطبيعي من جهة، سواء تعلق الأمر بتلك الحمامات المعدنية، أو بالأعشاب الطبيعية الناجعة، ولكن أيضا، بسبب ارتفاع أسعار الدواء، وغيرها من الأمور التي دفعت بالبعض إلى التخلي تماما عن الطب الحديث، لاستبداله بالطب التقليدي، والذي يعتبره البعض أنجع بكثير خصوصا في السنوات الأخيرة حيث سلك المرضى هذه الطرق وتحديدا مرضى الكلى بالتوجه إلى الحمامات والتدواي بالأعشاب بسبب عجز الأطباء عن علاج هذا المرض المزمن الذي صار داء العصر.