تظاهر أمس في العاصمة، زهاء عشرة آلاف عنصر من أفراد الحرس البلدي، مطالبين بتحسين ظروفهم المهنية والمعيشية، تتصدرها زيادة الرواتب وتجهيزهم بوسائل عمل حديثة وصدريات واقية. وتحاشت قوات الأمن استعمال القوة مع المتظاهرين ، وتعاطت مع مظاهرتهم ب»هدوء»، نظرا للتضحيات التي قدمها هذا الجهاز الذي وضع في الخط الأول في المواجهة مع المجموعات الإرهابية المسلحة، ونشرت مئات من رجال شرطة مكافحة الشغب غير المسلحين بساحة الشهداء بقلب العاصمة في ساعات الصباح الباكر من يوم أمس، وقبل أن يبدأ المتظاهرون بالتوافد على ساحة الشهداء التي تعتبر رمزا وطنيا للجزائريين. وقد رفع المتظاهرون، الذين استطاعوا اختراق الحزام الأمني والوصول إلى مقر البرلمان على مسافة 500 متر من ساحة الشهداء، شعارات مساندة للرئيس بوتفليقة على شاكلة «بوتفليقة هو الحل»، داعية إياه للتدخل الفوري لإنهاء معاناتهم التي وصل عمرها إلى 19 سنة، عندما قامت السلطات الجزائرية بتسليح المواطنين ساكني القرى والأرياف، للدفاع عن أنفسهم ومنع تحول قراهم إلى معاقل لعناصر الجماعات المسلحة وقتئذ. ويطالب عناصر الحرس البلدي، بزيادة رواتبهم، وتمكينهم من الاستفادة من تعويض مادي بقيمة خمسين مليون سنتيم، على الفترة السابقة التي خدموها في هذا الجهاز الأمني بالإضافة إلى تمكينهم من حق التقاعد المبكر مثلما هو معمول به لدى زملائهم في الدرك وجهاز الشرطة. ومنذ العام 2000، قررت الحكومة التخلي عن فرق الحرس البلدي بحجة عودة الأمن والسلم الى البلاد وانحسار نشاط «الجماعات الإرهابية»، وهو ما دفع بالعديد من عناصر هذه الفرق إلى التخلي عن السلاح والعودة لحياتهم المدنية، غير أنهم اصطدموا بوعود لم تتحقق مثل تحويلهم إلى العمل في مواقع الحراسة في الشركات الحكومية والمؤسسات الرسمية، ما جعل الكثير منهم يغرقون في البطالة ومنهم من راح ضحية عمليات انتقامية من طرف عناصر الجماعات الإرهابية.وكان أصدر وزير الداخلية دحو ولد قابلية قبل أسبوع، قرارا يقضي بتحويل المئات من عناصر الحرس البلدي الذين تتوفر فيهم شروطا محددة مثل تحصيل مستوى التعليم الثانوي، للخدمة في جهاز الشرطة، بينما ربطت مصير البقية ب»ظروف جديدة»، كالعمل كحراس في الهيئات العمومية ، وقد عمدت الحكومة على توزيع عدد منهم، إلا أن الإدارات لم تتحمس لهذا القرار، باعتبار أن المعنيين ينتمون لسلك شبه عسكري ولا يتلاءم مع مهام أعوان أمن الإدارة، كما رفض عدد كبير من هؤلاء الأعوان أن يتحولوا إلى عمال نظافة في الإدارات و البلديات ، وهو ما يكون قد أثار القلق في نفوس أفراد هذا الجهاز وعجل بنزولهم إلى الشارع أمس مطالبين ب»تسوية أوضاعهم قبل صدور قرار الحل بحقهم بصورة رسمية.» قال ولد قابلية في معرض شرحه تدابير مجلس الوزراء الأخير، أن مصالحه لا زالت تدرس كيفية التعاطي مع هذه الفئة في المرحلة المقبلة، وأكد ممثل الحكومة بهذا الخصوص أن «اتجاه الوضع الأمني نحو الاستتباب يفرض علينا التفكير في الكيفية التي تمكننا من استغلال عناصر الحرس البلدي، كل حسب إمكاناته واستعداداته»، وذكر وزير الداخلية أن مصالحه تحرص على الاستماع لانشغالات فئة الحرس البلدي التي «وقف رجالها إلى جانب الدولة في وقت الشدة، مؤكدا أن الحكومة لن تتخلى عن هذه الفئة بعد عودة الاستقرار، مستدلا على ذلك بجاهزية القانون الأساسي الخاص بالحرس البلدي، في انتظار استكمال النظام التعويضي.وقد أقدم نحو خمسة الاف عنصر من الحرس البلدي على غلق مبنى المجلس الشعبي الوطني عن طريق اعتصام حاشد، و قرروا مواصلة الاعتصام إلى حين تلبية مطالبهم، بعد عدم اقتناعهم بتطمينات رئيس المجلس عبد العزيز زياري الذي وعدهم بإيصال مطالبهم الى «السلطات العليا». وشغل هؤلاء ساحة الغرفة السفلى للبرلمان بشارع زيغود يوسف، و طالب المعتصمون الذين ارتدى اغلبهم الزي الرسمي للحرس البلدي بتوقيف عملية الانتشار التي اقرتها وزارة الداخلية لحوالي 40 الف حرس بلدي،و الزيادة في الأجور مثل بقية الأسلاك الأمنية مع التعويض عن ساعات العمل الإضافية، كما أعرب الكثير منهم عن استيائهم الشديد من تجاهل السلطات المعنية لمطالبهم رغم سنوات خدمتهم مع الأسلاك الأمنية في إطار مكافحة الإرهاب، و قبل وصولهم الى مبنى البرلمان نظم الحرس البلدي وقفة احتجاجية حاشدة بساحة الشهداء، أين انتظروا مندوبين منهم اوفدوا الى قصر الحكومة لمقابلة الوزير الأول احمد اوحيي، الذي ابلغهم عن طريق احد المسؤولين ان ملفهم قيد الدراسة بوزارة الداخلية، و هو الأمر الذي لم يرق لهم و قرروا التوجه الى رئاسة الجمهورية بالمرادية، عابرين شارع زيغود يوسف و حاملين الأعلام الوطنية، و مرددين شعارات» بوتفليقة هو الحل... بوتفليقة هو الحل»، فيما نال الوزير الأول قسطا وافرا من الانتقاد. ليلى.ع