كل سنة تقترن ذكرى انطلاقة الجريدة بذكرى تأميم المحروقات، وهذه السنة تأتي الذكرى مشبعة بكثير من مشاعر التحدي حيث تواجه الجزائر مخاطر حقيقية في محيطها الإقليمي، وقبل أسابيع كانت قد تعرضت لاعتداء خطير في الجنوب فرض حالة من التوجس والارتياب مما يجري على الحدود ومما يراد بهذه المنطقة التي تملك كثيرا من أسباب القوة. عقد ونصف عقد هو عمر »صوت الأحرار«، سنوات طبعتها مواجهة يومية مع كثير من العوائق التي تعترض العمل الإعلامي، ومعركة مستمرة من أجل الثبات على مبدأ تقديم الحقيقة وتغليب مصلحة الجزائر على ما سواها، وفي حالات كثيرة لا تكون الحقيقة بسيطة وجلية وهذا سبب آخر للاجتهاد والتحري التزاما بأخلاقيات مهنة لم تستقر أحوالها بعد، كما أن مصلحة البلاد قد تكون محل شد وجذب وموضوعا للجدل وسببا للخلاف، ولا مناص من تحري الموضوعية، وتحسس توجهات الشارع والانحياز إلى مطالب الناس وهمومهم لأن هؤلاء هم الجزائر والوقوف في صفهم هو بالضرورة تغليب لمصلحة البلاد. ما تمر به الجزائر من امتحان في الداخل والخارج هو أيضا تمحيص للإعلام واختبار لمصداقيته، والتحديات الكبيرة التي تفرض علينا في جوارنا المباشر تتطلب مزيدا من الحذر لأن دور الإعلام مؤثر، والالتزام بالدفاع عن مصلحة الجزائر يمر حتما بالسعي إلى تكريس وحدة البلاد من خلال رص الصف الوطني وتقوية الجبهة الداخلية، وهذه المهمة من صميم رسالة ''صوت الأحرار'' التي اختارت منذ البداية أن تكون في صف الوطن، وسيكون الدفاع عن الثوابت الوطنية المعروفة لدى كل الجزائريين الخط الذي سنسير عليه في السنوات المقبلة. تحل ذكرى تأسيس الجريدة وحزب جبهة التحرير الوطني يعيش حالة مخاض، ومرة أخرى يفلح الأفلان في اجتياز محنه الداخلية بالحكمة ويحتكم إلى مبادئه وقوانينه وأطره التنظيمية ليخرج من أزمته أكثر قوة وانسجاما، ولم تكن صوت الأحرار بعيدة عن هذا الامتحان السياسي، وقد اختارت أن تبتعد عن الإساءة للأشخاص، ورفضت أن تنخرط في الدعاية لفريق على حساب فريق آخر، لأن قناعتنا كانت دائما، ولا تزال، أن حوار الأفكار هو دليل ثراء، وأن الاختلاف في المواقف هو مؤشر على أن الأفلان يحتفظ دائما بقدرته على جمع أبناء الوطن الواحد على حب الجزائر حتى وإن اختلفوا في التفاصيل، ثم إنه بعد هذا كله يؤكد قدرته على التجدد وعلى استيعاب قواعد الديمقراطية التي تمنحه المرونة التي هي ميزة القوة السياسية الجامعة. لم يكن أبدا التجرد من الانتماء الوطني جزء من الموضوعية والنزاهة في ممارسة العمل الإعلامي، ولن يكون الانحياز إلى مصلحة الوطن والغالبية العظمى من أبنائه عائقا يمنع من قول الحقيقة كما هي، ولن يكون الالتزام السياسي أيضا حائلا بيننا وبين الرأي الآخر الذي طالما وجد مجالا له على صفحات الجريدة، ومثلما استطاعت الجزائر أن تخرج من كل أزماتها ومحنها أكثر قوة وصلابة، فإن ''صوت الأحرار'' تملك من العزم والإرادة ما يكفي لمواصلة المسيرة الطويلة والشاقة خدمة للحقيقة والوطن، فمثل ''صوت الأحرار'' كمثل الجزائر.