قبل انقضاء شهر مارس، يبدأ بعض الناس في تأليف القصص التي يسردونها في الفاتح من شهر أفريل، وهو اليوم الذي يقال عنه إنه “يوم الكذب” بالرغم من أن هذا التقليد الأعمى هو بعيد كل البعد عن مبادئ ديننا الحنيف فلا وجود في الإسلام ليوم للكذب وهي كلها تقاليد غربية ممقوتة قد سمي عندنا الفاتح من هذا الشهر “بكذبة أفريل”، أما البريطانيون فقد أطلقوا على هذا اليوم بيوم “الخدعة” وفرنسا بيوم “السمك” واليابان بيوم “الدمية” أما إسبانيا فقد أعطت للفاتح من أفريل اسما مميزا وهو يوم “المغفل”. وعن تاريخ أول يوم ظهرت فيه هذه البدعة التي يقال عنها إنها كذبة أفريل، فتعود إلى عام 1560 عندما جلس شارل التاسع على كرسي الملك إذ كان يبلغ من العمر آنذاك 10 سنوات ودام حكمه قرابة 14 سنة حتى وافته المنية عام 1574 وفي عهده تفاقمت المشاكل وكثرت الحروب وعمّت الفوضى مملكته، ويعود هذا الاضطراب إلى كون شارل التاسع كان من أكبر “الكذّابين”، وتاريخ الكذب يدل على أن عام 1560 هو بداية لمثل هذه التصرفات التي تدفع بالناس إلى قول ما ليس له علاقة بالحقيقة على الإطلاق. وفي الواحد من أفريل من كل سنة، كان الغربيون يحيون رأس السنة الميلادية الجديدة بالحفلات وتبادل الهدايا، فما كان لهذا الملك، شارل التاسع، إلاّ أن يصدر مرسوما ملكيا يدعو فيه إلى تغيير رأس السنة الميلادية من تاريخ أول “جانفي“ إلى تاريخ أول “أفريل” حيث كانوا من بين الذين أيّدوا الملك شارل التاسع في هذا القرار بإرسالهم لأصدقائهم ومعارفهم هدايا مزيّفة وكاذبة وذلك في كل أول يوم من شهر أفريل أو بما سميت بعد ذلك “بسمكة أفريل” وهذا نتيجة أن الشمس في أول يوم من شهر أفريل تطلع مباشرة من “برج الحوت”. دعابة صغيرة... فطلاق، شجار ومصائب أخرى كانت ل”الفجر” جولة استطلاعية حول موضوع كذبة أفريل، حيث سجلنا بعض المواقف والأحداث المؤسفة التي تسببت في حالات طلاق، شلل، حوادث مرورية، واعتداءات جسدية، وقد كانت أول محطة في رحلتنا هذه، جامعة الجزائر، وأول من صادفناه في لقائنا هذا وسألناه عمّا يعرفه عن يوم أول أفريل، يوم الدعابة، والذين حوّلوا هذه اللفظة إلى كلمة يوم الكذب، وما ينجر من ورائه من مصائب والذي هو بالتأكيد قد أدخل الرعب والفزع والاشمئزاز في نفوس من وقعوا ضحايا في شباكه لليوم المصادف للفاتح من شهر أفريل، كانت “الآنسة سعاد” طالبة جامعية، روت لنا قصتها والتي تبدو فعلا قصة مرعبة كادت أن تفقد والدتها بسبب طيشها واستهزائها، حيث هاتفت أمها ذات يوم وقالت لها إن الطبيب كشف عنها فوجدها مصابة بداء “سرطان الثدي”، فما كان على الأم -تقول محدثتنا سعاد- إلا أن تفقد صوابها وتحمل نفسها في جنح الليل قادمة من ولاية عنابة إلى العاصمة، حيث كانت تقود سيارتها، -حسب حديث والدتها تقول محدثتنا- بجنون، وبعد أن وصلت فجر اليوم الموالي إلى العاصمة التقت ابنتها واكتشفت أن سعاد كانت تمزح معها فقط، وما هي إلا كذبة أفريل. أما مروان فقد قال إنه كذب على صديقه “محمد” بقوله إن صديقهما سفيان قد أصيب في حادث مرور وأبلغوه أنه في المستشفى لكن لا يدري أي مستشفى يوجد فيه، وبمجرد أن سمع محمد الخبر أسرع بدوره بإخبار أهل سفيان طالبا منهم اسم المستشفى الذي يوجد فيه ابنهم وعند سماع أم سفيان الخبر أصيبت بصدمة عنيفة ومنذ ذلك الحين - يقول محمد - وهي مقعدة حبيسة كرسي متحرك منذ عام 1999 إلى يومنا هذا. مكالمة هاتفية تنهي مسيرة عمر أما نوال صاحبة 47 سنة، فراحت تروي قصتها الصادمة مع الكذبة اللعينة لأفريل ل”الفجر”، حيث تلقت مكلمة هاتفية مجهولة المصدر تقول فيها إن زوجك مع فتاة تعرّف عليها منذ أيام وهما جالسان الآن في حديقة “مارينغو” بالعاصمة، فكانت هذه المكالمة عبارة عن قنبلة فجّرت غضب نوال، حيث أخذت حقيبة ملابسها - تقول محدثتنا- من بيتها وتوجّهت إلى بيت أهلها تاركة لزوجها “الجمل بما حمل” وبقيت الأمور على حالها ونوال في بيت أهلها منذ 4 أشهر. وكان زوجها لطفي يتردد عليها في بيت والديها مرتين في اليوم، مؤكدا لها أن ما قيل عنه كله كذب وافتراء ولا صحة له على الإطلاق. لكن نوال كانت عنيدة -تقول عن نفسها- وقررت طلب الطلاق من لطفي. وبعد مضي 9 أشهر على هذا الحال في بيت الأهل، وعن الشخص الذي أبلغها بخبر خيانة زوجها لطفي لها -تقول نوال- إنها صديقتها الحميمة وما قالته كان مجرد “مزحة” و”كذبة” بمناسبة أول أفريل، لكن حدث هذا بعد فوات الأوان، بعدما طلقت نوال من زوجها بعد عشرة دامت أكثر من 12 سنة. ويبقى الفاتح من أفريل شهر الصدمات والأزمات النفسية التي تترك في نفوس الموقع بهم آثارا وخيمة وبسببها تشتتت الأسر وشلت الأفراد. أما “كريمة” 22 سنة، طالبة بجامعة سعد دحلب بالبليدة، فراحت تسرد علينا قصتها مع أول أفريل من العام الماضي، يومها لم تكن على ما يرام، قائلة “ليلة ذلك الشهر اتصلت بصديقة حميمة أعزّها وأعتبرها أختا لي لم تلدها أمي، فقلت لها إن صورها منشورة عبر الأنترنت، حيث تم تصويرها في إحدى المناسبات بالجامعة وقام المصور بترتيب الفيلم وجعل كامل صورها مشبوهة، لكن المغفلة - تقول كريمة - اتخذت كل هذه الأخبار بجدية وفي اليوم التالي جاءني نبأ أنها في المستشفى فقد حاولت الانتحار بتناولها لكميات كبيرة من الحبوب الكيماوية لولا لطف الله لكانت من الهالكين. أما “مجاهد” حارس ليلي بإحدى شركات بيع السيارات المستوردة، يقول إنه في مساء يوم 1 أفريل المصادف ليوم الجمعة هتف لصديقه الذي يعمل معه بالتناوب مخبرا إيّاه بأن هناك عصابة دخلت إلى الحظيرة وسرقت عجلات 25 سيارة، “فما كان على صديقي الغبي إلا أن يتصل بالأمن، وهنا اكتشف أن الأمر مجرد دعابة. لكن القانون لا يعترف بهذه المسائل، حيث فتح لنا تحقيقا قضائيا وأدخلونا في “سين وجيم” ودخلنا السجن بسبب إزعاج السلطات. واليوم نحن كما ترى - يقول محدثنا مجاهد - فقد ضيعنا مستقبلنا بسبب طيشنا في يوم اتخذ فيه الناس فسحة للكذب”. أما قصة السيدة علجية من حاسي مسعود 47 سنة، التقيناها في العاصمة، تقول إن صديقتها “رحمة” التي لم ترحم عِشرة 17 سنة، بل تسببت في طلاقها من زوجها، حيث اتصلت بها عن طريق هاتف ثابت وقالت لها “إن زوجك لخضر سوف يذهب في مهمة رسمية إلى العاصمة هذه الأيام ومعه زميلته في العمل والموضوع أكبر. تتصورين أن السيدة التي تذهب مع زوجك هي عشيقته قبل زواجكما”. “ويأتي لخضر -تقول محدثتنا- ويطلب مني أن أحضّر له حقيبة السفر ليذهب في مهمة إلى العاصمة ثم أعدت شريط المكالمة الهاتفية التي لم أعطها أهمية في ذلك الوقت، وبدأت الأوهام والشكوك تراودني وكادت تقضي عليّ. وعند سفره حملت نفسي وغادرت بيته إلى بيت أهلي بالعفرون، ولما عاد بعد أسبوع من سفره اتصل بي عدة مرات، ولم أرد على اتصاله وجاء في اليوم الموالي إلى أهلي لكن أقسمت أن لا أعود إليه ولو قطّعني إربا إربا.. لكن بعد 11 شهرا وصلتني ورقة طلاقي من لخضر، وبعد سماع صديقتي رحمة بالخبر كشفت لي أنها هي من اتصلت بها وعن معرفتها بخبر سفر لخضر. قالت لي إن زوجها متعود على السفر لكن لم أكن أعرف بهذه السفرية بالذات إلى العاصمة” وهكذا انقطعت حبال المودة بين علجية ورحمة وعِشرة لخضر بعلجية إلى الأبد. أما قصة سفيان من جامعة بوزريعة، فهي شبيهة بالخيال، حيث اتصل في صبيحة 1 أفريل بصديقه عبد القادر وأخبره أنه رأى أخاه عبد النور في المطار، فما كان على عبد القادر إلا أن يذهب إلى البيت ويخبر الأهل بعودة أخيه عبد النور الذي سافر في اتجاه إسبانيا منذ 26 سنة، وما هي إلا دقائق فقط حتى توقفت سيارة فاخرة أمام الباب ونزل منها 3 أطفال وامرأة ومعهم عبد النور، ولما سمع سفيان بالخبر أقسم أنه قال هذا مجرد دعابة بمناسبة أول أفريل وكل هذا مجرد صدفة تذكّر فيها عبد النور، فقال إنه عاد من الغربة لا أكثر ولا أقل. وآخر قصة وقعت على هامش هذا اليوم هو أن الطفل إسلام كذب على والد صديقه عبد الحق وقال له إن ابنك لم يأت إلى المتوسطة مدة 3 أيام، فما كان من والد عبد الحق إلا أن ينهال على ابنه ضربا مبرحا دون أن يتحرى، وما كان هذا إلا كذبة “بيضاء” لكنها تركت آثارا “زرقاء” في جسد الطفل البريء عبد الحق.