أصبح تأخر الإنجاب هاجس جل الأزواج في بلادنا، ما جعلهم يسارعون للكشف لدى الطبيب المختص بمجرد مرور 3 أشهر من الزواج، وما جعلهم يدخلون في صراع نفسي كبير قد يساهم هو الآخر في تأخر الإنجاب، وهو الأمر الذي يحذر منه الأطباء المختصون في طب النساء والتوليد، وينصحون بالعيش والتصرف بشكل طبيعي، خاصة إذا أظهرت الفحوصات الأولية عدم ثبوت أي اعتراض على الإنجاب وأن الأمر قد يكون نفسيا أو تأخر طبيعيا لا غير. دق رئيس الجمعية الجزائرية للإنجاب ومنع الحمل، محمد بوزكريني، ناقوس الخطر فيما يخص تأخر الإنجاب، خاصة أن بعض الأزواج يلجأون لتناول حبوب منع الحمل لأسباب تبقى شخصية، ما قد يؤثر على خصوبة المرأة.. وهذا ما أسفر عن انخفاض لافت في نسبة الإنجاب في بلادنا، من خلال التقرير الصادر عن وزارة الصحة الذي يرجع انخفاض نسبة الولادات إلى تغيير النمط المعيشي للأفراد، خاصة أن المعروف عن الجزائريين تأخر سن اليأس عند النساء، وامتداد الخصوبة لدى الرجال.. مؤكدا في سياق حديثه أن 61.4 بالمئة من الجزائريات في سن الإنجاب يتناولن حبوب منع الحمل، وهذا ما يعكس واقع الأسرة الجزائرية التي انخفضت نسبة الولادة فيها، سواء بسبب النمط المعيشي للمجتمع أو لمشاكل صحية أو لتناول حبوب منع الحمل لفترة طويلة لأسباب عديدة، منها الظروف المعيشية. من جهة أخرى، أكد رئيس الجمعية الجزائرية للتنظيم العائلي، سعيد بدري كابويا، أن 2.3 بالمائة من النساء في سن الإنجاب يستخدمن اللولب، بينما تتوفى ستمائة حامل كل سنة نتيجة تعقيدات تتعلّق بالحمل أو الولادة، بما يعادل 97 حالة وفاة من كل مئة ألف حالة، علما أنّ 50 بالمائة من الحوامل تفقدن الحياة في المناطق الريفية، في حين يُتوفى 30 مولوداً في كل ألف ولادة طبيعية. وعليه لم يعد معدل الولادات في السنوات الأخيرة، حسب دراسة ميدانية، يتجاوز مستوى 2،27 طفل لكل امرأة، وفي حال تراجع هذه النسبة إلى حدود 2 بالمائة فإنّ ذلك يعني خطرا محدقا على النمو الديمغرافي في الجزائر، بشكل يجعلها مهددة بالسيناريو الذي تعانيه دول أوروبية، و هو مجتمع الشيخوخة، بعد أن كنا مجتمعا يصل فيه ارتفاع نسبة الشباب إلى أعلى المستويات. وفي سياق آخر، ذكرت ياسمينة غزالي، مختصة في طب النساء والتوليد، أن تغيير نمط التغذية لدى الرجل والمرأة ساهم في تأخر الولادة، منها كثرة الذهنيات، ما يسبب ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم، وهذا قد يساهم في انخفاض نسبة الخصوبة لما يسبب من ”تشحم” في الدم، إضافة إلى السمنة المفرطة التي اكتسحت المجتمع الجزائري مؤخرا، وهي ظاهرة جديدة على مجتمعنا، مؤكدة في سياق حديثها أن ذروة الإنجاب في الجزائر تتواجد لدى الحوامل بين 30 و34 عامًا، في حين أن مستوى الإنجاب ضعيف جدًا لدى النساء اللواتي تفوق أعمارهن الأربعين، بالتزامن مع اتساع الولادات بطريقة قيصرية، وهو أمر يحدث كثيرًا، وبمعدل 8 حوامل من كل عشرة.. إلى جانب الإصابة بأمراض القلب والسكر التي أصبحت تهدد صحة النساء خلال السنوات الأخيرة، وهي عوامل خطر لاضطرابات الإباضة أيضاً. وأضافت الدكتورة غزالي أن لارتفاع سكر الدم تأثير مهم على عملية الإباضة، إذ يضاعف ارتفاع سكر الدم لدى النساء خطر حدوث اضطرابات الإباضة لديها، مشيرة إلى أن نوع الطعام خاصة النشويات والسكريات التي لها تأثيرا كبيرا على ارتفاع سكر الدم، وللبروتينات تأثيرٌ أيضاً، إذ وُجد أن خطر حدوث اضطرابات الخصوبة كان منخفضا لدى النساء اللواتي كان مصدر البروتينات في طعامهن من مواد نباتية مثل (مثل البقوليات والمكسرات). أما للدهون فقد زادت كمية الشحوم المشبعة التي تتناولها المرأة من خطر حدوث اضطرابات إباضة لديها.