وقعت الشاعرة اللبنانية جمانة حداد نهاية الأسبوع الماضي ديوانها "عودة ليليت" في مقهى "ريش" في القاهرة في حفل أقامته دار "آفاق للنشر" بحضور عشرات من المثقفين المصريين• وتخلل حفل توقيع الديوان في المقهى الذي كان في السبعينيات ملتقى لكبار المثقفين ويحتفل بمئويته هذه السنة، إلقاء مقاطع من الكتاب من جانب الشاعرة اللبنانية بينما كانت مغنية "دار الاوبرا" المصرية رحاب مطاوع تردد المقاطع نفسها غنائيا• وبعد ذلك، نظمت ندوة حول الديوان بإدارة الصحافي سيد محمود شارك فيها الشاعر المصري حلمي سالم والناقدة المصرية "شيرين ابوالنجا" التي أكدت أن "القراءة النقدية هي قراءة موازية للعمل الإبداعي"• ويقدم الغلاف الخلفي للديوان توضيحات عن "ليليت" التي جاء ذكرها في الميتولوجيات السومرية والبابلية والآشورية والكنعانية كما في العهد القديم والتلمود• ويضيف أن "الأسطورة تروي أنها المرأة الأولى التي خلقها الله من التراب على غرار آدم ورفضت الخضوع الأعمى للرجل وسئمت الجنة فتمردت وهربت ورفضت العودة آنذاك• وقد نفاها الرب إلى ظلال الأرض المقفرة ثم خلق من ضلع ادم المرأة الثانية حواء"• وقالت أبوالنجا إن الأدب قام بنزع الصفات السلبية عن "ليليت" بينما تناولتها جمانة مع كل صفاتها السيئة وحولتها الى سمات إيجابية"، موضحة أن "الحكي من منظور ثقافي مختلف هو جزء من الاسطوره ذاتها وكل إعادة لصوغ الأسطورة تضيف إليها"• وأضافت أن "تناول جمانة حداد لهذه الأسطورة هو بمثابة كشف لكل المسكوت عنه في شخصية ليليت التي لعنت على مدار قرون"• وأوضحت أبوالنجا أن الأدباء فضلوا تناولها - ليليت - من منظور أبوي وتجنب بعض الصفات فيها، وهو أمر يعتبر سجنا ل"ليليت" التي تؤكد في الديوان "انا ليليت العائدة من منفاي"• واشارت الى ان جمانة حداد قدمت رؤيتها "لاسطورة ليليت التي ظهرت اول الأمر في مسرحية فاوست للكاتب الالماني يوهان فولفغانغ غوته"• وقالت ابوالنجا إن "الديوان يجمع بين الشعر ومشهد درامي نثري وهذا التجاور بين الأنواع الأدبية تجاوز لكل الحدود وتعد بامتياز، ورغم ذلك يمكن قراءة الديوان كله باعتباره قصيدة واحدة"• من جهته، قال الشاعر حلمي سالم إن "صوت ليليت ليس صوتا نسويا في مواجهة الرجل بل صوت الاثنين معا منصهرين في بوتقة الشعر، فهوصوت رجل وامرأة في آن واحد"• واضاف ان "الاسطورة لم تثقل القصيدة والديوان الشعري جاء حاملا خمس سمات اساسية هي الاحتفاء بالتاريخ، وإرث المعرفة الانسانية المتمثلة في الاساطير، والدراية العميقة باللغة والموسيقى المسكوت عنها في النصوص، وأخيرا الحسية التي تتسم بها كل أعمال جمانه التي تحمل خيطا رفيعا من الميتافيزيقا ينقيها من الواقع الكامل"• ورأى أن "الديوان لا يحتفي بالفكر او السياسة لكن بالجسد"، مؤكدا ان "الشعر الجديد هجر القضايا الكبرى وجعل من الجسد سردية كبرى باعتباره قبة الروح وليس مجرد جسد•