رغم أنه يرفض بشدة لقب ''الكاتب السياسي'' إلا أن السياسة كانت إحدى ثوابت كتابات رشيد بوجدرة، بدءا من روايته الأولى ''التطليق'' التي صدرت سنة 1969، وليس انتهاءً عند ''التين الهندي'' الصادرة هذه السنة. بوجدرة الذي دخل الساحة الأدبية سنة 1965 شاعرا بمجموعته الشعرية ''من أجل إغلاق نوافذ الحلم''، انتظر أربع سنوات قبل ذلك ليفجر قنبلته الروائية الأولى ''التطليق'' التي عمل فيها على تكسير ثالوث ''الدين والجنس والسياسة''. فقد تناول فيها بجرأة كبيرة ظاهرة زنا المحارم المرتبطة بالجنس والدين، والتعذيب في المراكز البوليسية التي تحيل إلى السياسة. ورغم مرور 42 سنة كاملة على ذلك الإصدار الأول، إلا أن التجربة الروائية عند بوجدرة تعددت وتراكمت في هذا السياق، وأصدر لحد الآن الكثير من الروايات بالفرنسية أولا ثم بالعربية، انطلاقا من ''الرعن'' مرورا ب ''ليليات امرأة آرق''، ''طوبوغرافية مثالية لاعتداء موصوف'' و''الفائز بالكأس''، وصولا إلى الرواية الأخيرة ''التين الهندي'' أو ''الصبار'' أو ''التين الشوكي'' حسب الترجمات المختلفة لعنوان Les Figuiers de Barbariالتي يعود فيها إلى الطابوهات المتعلقة بالثورة التحريرية. وفي الوقت الذي بدأت فيه التجربة الروائية لبوجدرة تتراكم، بدأ تجربة أخرى في كتابة السيناريو للسينما، وبلغ أقصى نجاح في هذا السياق بتتويج فيلم ''وقائع سنين الجمر'' بالسعفة الذهبية لمهرجان ''كان'' السينمائي سنة 1975 عند تعاونه مع المخرج الشهير محمد لخضر حامينا، كما كانت له تجارب أخرى في هذا السياق مع فيلم ''نهلة'' لفاروق بلوفة، والكتابة عن فريق جبهة التحرير لكرة القدم قبل سنوات. وفي هذا الصدد، وعن علاقة الرواية عنده بالسينما يقول: ''كتابتي الروائية أصلا هي سينمائية، أكتب من منظور ثم من آخر، ثم من آخر وهكذا، أقدم الأمور بنسبية''. وبعد تجربة قصيرة على رأس اتحاد الكتّاب الجزائريين عقب أحداث الخامس أكتوبر 1988 وميلاد التعددية في الجزائر، سرعان ما تحوّل إلى أحد أبرز المطلوبين للجماعات المسلحة عقب إصداره لكتابه السياسي الهجائي ''فيس الحقد'' سنة ,1992 وعندها اضطر للعودة مجددا للكتابة باللغة الفرنسية، بعد أن شغل الناس كثيرا بتحوّله إلى العربية سنة 1982 مع ''التفكك'' التي تناولت شخصية المناضل الشيوعي ''الطاهر الغمري'' أثناء الثورة التحريرية. لقد مرت 42 سنة على ميلاد تجربة رشيد بوجدرة الروائية، ومازالت هذه التجربة تحتفظ بأسئلتها الجارحة والمثيرة التي تتجدد عند كل إصدار جديد بدءا ب ''التطليق''، وربما ليس انتهاء عند ''التين الشوكي''.