بقيت القاعة تنتظر أن ينادى على أحدهم للدخول عند صاحب الشأن العظيم الذي يبدو أنه منشغل بشيء ما وكل ما تسرب دخان سيجاره الذي زاد ضيقا في أنفاس المنتظرين ويبدو أن الذي ضاق أكثر هو جاب الله بوشاشية الذي ورغم مروره على سيده إلا أنه خاف أن يذهب دون أن يقال له ذلك. فاجأه سعيد سعدي بسؤال واش رايك يا الشيخ في هذه الدولة التي تقمع الحريات الخاصة وتطارد الذين لا يصومون وتقوم بضربهم؟ اندهش جاب الله لما يسمع... بسمل وحوقل وضرب يدا بيد وأخذ سبحته الخضراء من جيبه ومسح بيده على لحيته وقال... يا سي سعدي الكلام لي تقول فيه خطير؟ صرخ سعدي من مكانه مرددا كلمة خطير... خطير.. أضاف جاب الله... وهل تجادل في حق الله؟ الصيام من أركان الإسلام هل تعرف ذلك؟ رد سعيد سعدي بصوت ضعيف... اللي يلعب السياسة كاش ما يبقالو يعرف الدين؟ تنحنح جاب الله بوشاشية وقال... الدين في مكانه والسياسة في مكانها ولا أنتوما لقبايل تخلطو كلش؟ قال سعدي.. يا الشيخ أحنا مع الديموقراطية ومع الحرية الشخصية لي يحب يصوم يصوم ولي يحب ياكل ياكل كل واحد يحاسبو ربي... يعني أنا مانخافش من ربي ونخاف من العبد؟ مسح جاب الله لحيته من جديد وقال.. كلامك خطير جدا... أركان الإسلام ما فيهاش الاختيار يا تكون مسلم يا ما تكونش ثم رفع صوته سائلا أويحيى... يا سي أحمد أنت ثاني قبايلي أرواح شوفلنا السعيد تاعكم هذا؟ رد أويحيى بغضب... أنا ما رانيش شيخ تاع الجامع باش نفتي في الصيام ... أنا رجل تاع سياسة... أنت هو صاحب اللحية والشاشية ومن الجامع ما تخرجش... كيفاش أمر بسيط كما هذا ما قدرتلوش حبيت تحكم بلاد كاملة؟ قهقه كل من كان في القاعة على كلام سي أحمد الذي تعمد الاستهزاء ببوشاشية وأراد أن يفهمه أن السياسة عندها أهلها والدين أيضا عنده أهله. لم يتكلم جاب الله ولم يرد ولكنه قال في نفسه... أنشوفو أشكون يضحك فالأخير...