الوزير الأول"نذير العرباوى" يشرف غدا مع نظيره التونسي على إحياء ذكرى ال 67 لأحداث ساقية سيدي يوسف    وزير الاتصال"مزيان ومحمد " يسلم رسالة خطية من رئيس الجمهورية إلى نظيره الغاني    رئاسة موريتانيا للاتحاد الإفريقي: إنجازات ينبغي الحفاظ عليها    المغرب يلجأ إلى الأساليب الخبيثة ل"شرعنة" احتلاله للصحراء الغربية    التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة: قبول 99 ملف تصريح بالترشح إلى غاية الخميس    جبهة القوى الاشتراكية تعقد دورة استثنائية لمجلسها الوطني    ألعاب القوى (تجمع فزاع الدولي بالإمارات): مشاركة ثلاثة رياضيين جزائريين في الموعد    الصيدلية المركزية للمستشفيات "فاعل أساسي" في تزويد المستشفيات الوطنية بالأدوية    كرة القدم/الكأس الجزائرية الممتازة-2024 (مولودية الجزائر- شباب بلوزداد): مرشحان في رحلة البحث عن أول لقب للموسم    الدراجات/ طواف الجزائر2025: الطبعة ال25 عبر ولايات شرق و جنوب الوطن    المغرب : هيئة تجدد موقفها المناهض للاختراق الصهيوني وتجريم التضامن مع القضية الفلسطينية    "الأونروا" تحذر من مخاطر تعرض مئات آلاف الفلسطينيين في غزة للبرد القارس    شايب يستقبل المدير العام للوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار    تنظيم الطبعة ال 19 للصالون الوطني للتشغيل والتكوين المتواصل والمقاولاتية من 8 الى 10 فبراير بالعاصمة    الفريق أول شنقريحة يزور حوض بناء السفن " ڨوا شيبيار ليميتد" في ثاني يوم من زيارته إلى الهند    عطاف يجري محادثات مع المبعوث الخاص للرئيس الموريتاني    المواطنون الراغبون في أداء مناسك العمرة مدعوون لأخذ اللقاحات الموصى بها من طرف وزارة الصحة    صيدال: الاطلاق المقبل لمشروع انتاج المادة الأولية للعلاجات المضادة للسرطان    مهرجان الصورة المؤسساتية: تتويج 14 فيلما مؤسساتيا بجائزة أفضل الإبداعات السمعية البصرية في مجال الأفلام المؤسساتية    الجوية الجزائرية/الديوان الوطني للحج : اتفاقية لنقل الحجاج وفقا لآليات تنظيمية ورقمية متطورة    التدابير الواردة في قانون المالية لسنة 2025 تهدف إلى تحسين مناخ الأعمال في الجزائر    تجارة: مراجعة شاملة للإطار التشريعي وتوسيع الاستثمار في المساحات الكبرى    مشروع ازدواجية الطريق الوطني رقم 27 : تسليم محور قسنطينة خلال الثلاثي الرابع من 2025    وفاة المجاهد و الخطاط عبد الحميد اسكندر عن عمر ناهز 86 عاما    حيداوي يبرز جهود الدولة في التكفل بفئة ذوي الاحتياجات الخاصة    راموفيتش مدرباً لشباب بلوزداد    شاهد حي على همجية وبربرية الاحتلال الفرنسي    ترامب يفتح جبهة صراع جديدة    صوت المريض    تنفيذ تمارين افتراضية بالجلفة    بذرة خير تجمع الجزائريين    مع فرضية غير واقعية    خط سكة الحديد الرابط بين العبادلة وبشار يوضع حيز الخدمة قريباً    إبراز التراث الأدبي والديني للأمير عبد القادر    هذه ضوابط التفضيل بين الأبناء في العطية    المنازل الذكية تستقطب الزوّار    تعويضات للعمال المتضرّرين من التقلبات الجوية    إبراهيموفيتش يكشف سبب رحيل بن ناصر    مسلوق يتعهّد باحترام رزنامة المباريات    سايحي يلتقي نقابة البيولوجيين    أمطار رعدية مرتقبة بعدة ولايات جنوب البلاد ابتداء من يوم الخميس    مناجم: تنصيب مدير عام جديد للشركة الوطنية للأملاح    ندوة تاريخية للتأكيد على همجية وبربرية الاحتلال الفرنسي    اليمين المتطرّف الفرنسي في مرمى النّيران    "الأميار" مطالبون بتحمل مسؤولياتهم    صب منحة رمضان في حسابات مستحقيها قبل منتصف فيفري    استعادة الأراضي غير المستغلّة وتسريع استكمال المباني غير المكتملة    الجزائر تحتضن مؤتمر الاتحاد الإفريقي    "أباو ن الظل".. بين التمسّك والتأثّر    معرض لفناني برج بوعريريج بقصر الثقافة قريبا    ندوة وطنية عن المعالم والمآثر بجامعة وهران    رياض محرز يشدد على أهمية التأهل إلى كأس العالم    المبدعون من ذوي الاحتياجات الخاصة يعرضون أعمالهم بالجزائر العاصمة    إمام المسجد النبوي يحذّر من جعل الأولياء والصَّالحين واسطة مع اللَّه    الإذاعة الثقافية تبلغ الثلاثين    هذا موعد ترقّب هلال رمضان    أدعية شهر شعبان المأثورة    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ألجي... ألجيري (11)
نشر في الجزائر نيوز يوم 31 - 07 - 2013


عيناه!
كيف حدث ذلك يا الزح؟! لكن تذكرتهما.. اللحظة وأنا أكتب.. وأنا أنسج.. وأنا أداعبها وأغازلها. تلك الذاكرة التي أحملها وتحملني، تلك التي أظل أتحدث عنها وكأنها جزء لا يتجزأ مني.. وكأنها هي كلي، ومطلقي ومصدر ماضي وحاضري ومستقبلي، وروح كل أفعالي وكلماتي وسلوكاتي، ومنارة علاقاتي التي نسجت والتي هي في طور النسيج... أجل.. تذكرتهما يا الزح.. عيناه تذكرتهما، وكأنني كنت معه اللحظة، وكأن الزمن لم يقف بيننا كما السد، وكأن الموت لم يفرق بيننا وبينه!
عيناه الخضراوان، لم أر في حياتي عندما كنت صبيا ثم فتى رجلا بتينك العينين الخضراوين، كأنهما عينا قط تلمعان في الدماس، هل قُتل من أجله عينيه الخضراوين؟! فالجيا قصدت الجماعة الإسلامية المسلحة، وذلك منذ طورها الأول عندما اجتمعت وأقامت نظامها وقانونها وأمضت بيانها وحددت أهدافها، قررت أن تقتل وأن تقتل بيد باطشة، ليس رجال البوليس وحسب، وليس رجال الدرك وحسب، وليس رجال البوليس السري وحسب، وليس المشتغلين في الحكومة وفي الصحافة وحسب.. وليس الموظفين في وزارة الشؤون الدينية من إداريين وأئمة وحسب.. بل حتى الذين كانوا يتشبهون بالنصارى.. لكن ما ذنب جارنا مدير المدرسة إن كانت عيناه مثل عيني نصراني؟! هل قتلوه لأن لون عينيه كان أخضر..؟! سمعت هذا الكلام أكثر من مرة، ولاكه أكثر من أحد.. لكن هل جنوا كل هذا الجنون حتى يقتلوا ذلك الشيخ المسالم من أجل لون عينيه؟! هل قتلوه لأنه راسل جريدة؟! ما الذي كان يكتبه إلى الجريدة؟!
ما الذي حدث في تلك اللحظة ذات الأهمية القصوى والخطورة القصوى عندما توجه ذلك الشخص نحوه بمسدسه، ماذا قال في تلك اللحظة؟! لا أعتقد أنه توسل، ولا أعتقد أنه ارتعب، فالجميع ممن عرفه يشهد له بهدوئه وصلابة أعصابه.. أين فر ذلك الكلب، ذلك الحقير، ذلك الرخيص وزميله عندما أنجزا مهمتهما البشعة؟! ثم هل يجوز أن نطلق على ذلك الجرم الجبان وصف "المهمة"؟! ما الذي قال له لطفي عندما أنبؤوه بمصرع والده؟! لم يصدق الخبر، أعرف أنه لم يصدق، شعرت بالحزن لأنني لم أكن في مدينتي عندما انتزعت منه حياته، هكذا وبذلك الشكل المنحط والسيء؟! سألتني زوجتي عندما لاحظتني غارقا في حزني وبكائي، (لكنني لم أسمعك من قبل تتحدث عنه؟!) بالفعل لم أكن أتحدث عنه كثيرا.. ولم أكن أتحدث عن لطفي إلا في حالات نادرة، ومع ذلك سبق أن تحدثت عنه مع زملائي القدامى كلما التقينا في مناسبات، مثل عودتي ليوم أو يومين أو ثلاثة إلى مسقط رأسي، حضور جنازة صديق قديم، حضور مأدبة عرس قريب أو زميل قديم صاحب الخضراوين. كم كان عمره يومها عندما قادني والدي معه إلى جامع ڤومبيطا الجديد الذي فرح أهل ڤومبيطا أيما فرح عندما انتهوا من تدشينه.. ما أسعد لحظة التدشين، ما أسعد لحظة الإنجاز.. عمُر حيّنا ڤومبيطا بالغاشي الذين توافدوا من كل حدب وصوب كما يقولون، تدفقوا من كل مكان، من كل حي ومن كل بلدة محيطة.. تدفق الناس من أحياء سيدي عمر، وسيدي الجيلالي وبريانطوا وماكوني وسيدي ياسين وطوبا والرونسال والڤرابة وفيلاج الريح وفويور تيار وسيدي لحسن وتسالة وبوني وسيدي حمادوش والطابيا وبودانس وسيدي بوسيدي ولمطار وسيدي إبراهيم وماكدرة وسفيزف وبوخانيفيس.. اعتمرت الشوارع بقصاعي ومثارد الكسكسي بالمرق والمسفوف واللحم المشوي، كانت الزردة ضخمة وكبيرة احتفالا ببناء أول مسجد بڤومبيطا الذي أمه الشيخ الحاج محمد الزبير.. وكان والدي منتشيا بالسرور والبهجة وهو يقودني إلى مسجد ڤومبيطا الذي سمي فيما بعد بمسجد محمد زين العابدين. كنت أسير مطأطئ الرأس، أكاد أموت من شدة الخجل وراء والدي، وكان الجامع عامرا، ودخلت رفقة والدي إلى قاعة الوضوء، تذكرت، لم أكن رفقة والدي لوحدي بل كان معي كذلك أخي مصطفى الذي يصغرني بعامين كاملين، نزعت حذائي وفتحت السبالة وبدل أن أبدأ بيدي بدأت بوجهي، وعندئذ وجه صاحب العينين الخضراوين الملاحظة لوالدي وهو يبتسم، وتبادلا كلاما لم أفهمه، وشعر والدي بالإرتباك من تلك الملاحظة التي وجهها صاحب العينين الخضراويين، فنظر والدي إلي شزرا، كان غاضبا وفي الغضب شيء كبير من الإرتباك، وعندما كررت الخطأ في الوضوء صفعني فرحت أبكي، وارتعب عندئذ أخي مصطفى فراح يتوضأ بسرعة وكأنه يريد الفرار من عقاب والدي.. ثم تحدث صاحب العينين الخضراوين من جديد إلى والدي وابتسم إليّ، وفهمت من بعد أنه هدأ من روع والدي، ووقفت وراء الإمام وراح يرتل سورة الفاتحة ثم سورة الكافرون.. وكانت سورة الكافرون تدهشني وتثير في ذهني أشكالا وصورا شتى.. وسألت يومها، أو أياما بعد ذلك، والدي ونحن على مائدة العشاء، عن الكافرين.. يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون، وقال والدي كلاما لم أفهمه جيدا، قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون، والرسول؟! رأيت الكافرين غاضبين، يديرون المؤامرات.. يتحالفون، كل ذلك رأيته عندما اقتادونا من المدرسة الثانوية إلى سينما فوكس لنتفرج على فيلم الرسالة.. هل قتلوه بسبب لون العينين؟! محال، لم يقتل المرء بسبب لون العينين ذات يوم، كنت قرب منزله، لم أكن وحدي، قال لي انتظر، دخل إلى البيت ثم عاد، ثم قال، هل تحب القراءة؟! كنت خجلا وخائفا ودون لسان.. ثم قال خذ.. كدت أموت من الخجل.. تأبطت الكتاب، لون الغلاف كان أحمر.. وكانت هناك رسمة جميلة لامرأة أسطورية.. وبعد وقت شعرت بالفخرلأني قرأت وأنا لازلت فتى طري العود رواية "الأم" لمكسيم غوركي..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.