مع التطور الرهيب للأحداث الأخيرة التي شهدها شمال مالي ومع تدني الظروف المعيشية وتأزم الوضع في الجنوب تتجه كل الأنظار مجددا نحو الجزائر من أجل الدور الكبير الذي يعول عليها لعبه في حل أزمة تهدد بشكل رهيب الأمن والاستقرار بمنطقة الساحل بأسرها. وفي حين تكتفي دول الجوار بدق ناقوس الخطر والمطالبة بوضع الآليات اللازمة لحماية الحدود المشتركة وتكثيف الجهود للتصدي إلى خطر الجماعات الإسلامية المسلحة والجريمة المنظمة كما كان الشأن إثر انعقاد مجلس وزراء خارجية دول إتحاد المغرب العربي مؤخرا بالجزائر،حيث وجدت احتمالية التدخل العسكري الأجنبي طريقها إلى الواجهة، الطرح الذي لم تستبعده فرنسا مثلا، بوضع تحفظات مسبقة على إمكانية مشاركتها في حرب مفتوحة, من الجهة الأخرى تضع الدول الستة لمجموعة غرب إفريقيا ضغوطات رهيبة على حكومة مالي لتسوية الوضع السياسي الداخلي طبقا للأحكام والقوانين الدستورية واضعة بالمناسبة مهلة ال31 جويلية كآخر أجل لتطبيق الشرعية الدستورية. وبين هذا وذاك، يبقى إسم الجزائر مرهونا بكل التحركات الدبلوماسية والاجتماعات الإقليمية في المنطقة، بحيث تشهد الساحة السياسية التفافا من أكثر من جانب حول الاقتراح الجزائري الداعي إلي إيجاد حلول سريعة وناجعة لأزمة مالي عن طريق الحوار السلمي في الداخل وبوساطة خارجية بعيدا عن الطرح العسكريوللعلم فقد انصاعت أراء مالية إلى مقترح الجزائر مؤكدة على أنه الخيار الوحيد والأمثل لحل الأزمة في بلادهم مؤكدة في نفس السياق على ضرورة إدماج ومشاركة الطبقة السياسية والمجتمع المدني في كل المحاولات الرامية لاسترجاع الأمن والخروج من الصراعات والنزاعات التي يشهدها.. وقد أكدت الجزائر تمسكها بهذا الموقف مررا وتكرارا وكان أخرها عبر تصريحات، ممثلها في الاجتماع الدوري لمجلس رؤساء أركان الدول الأعضاء في لجنة الأركان العملياتية المشتركة بموريتانيا الفريق قائد صالح. هذا الأخير صرح “أن الجيش الشعبي بصفته مؤسسة جمهورية للدولة الجزائرية، يندرج تماما ضمن مسار المواقف الثابتة والصريحة المتخذة في أعلى مستوى السلطة السياسية، وأن حل الأزمة المالية لا يكون إلا سياسيا بقرار من الماليين أنفسهم، وبما يخدم مصالحهم كدولة ذات سيادة”.وتبقى أيضا الجزائر طرفا له وزنه ويستعان بخبرته وحنكته في كل المشاورات التي تخص عن قرب أو بعد الأزمة في مالي هذا سواءً مع دول منطقة الساحل، المغرب العربي، الاتحاد الإفريقي أو فرنسا، بريطانيا والولايات المتحدةالأمريكية، إذ هي مطالبة بلعب ككل مرة دور الإطفائي في أحدى أخطر بُؤرالتوتر التي تعيشها اليوم منطقة الساحل.