يشتدّ العدوان الصّهيوني على غزة لليوم 43، حيث تواصل قوات الاحتلال استهداف المستشفيات ومحاصرتها بالدبابات، وبينما يتوالى استشهاد فلسطينيين في قصف صهيوني على مناطق متفرقة من القطاع، نشرت كتائب عز الدين القسام، أمس، مقطعا مصورا قالت إنه يوثق لحظات استدراج قوة عسكرية للاحتلال إلى فتحة أحد الأنفاق المفخخة في بيت حانون شمالي غزة وتفجيرها، ممّا أسفر عن مقتل 5 عساكر. يقترب العدوان الصهيوني على غزة من اكتمال شهر ونصف، فيما لا تظهر أي بادرة بقرب وقف إطلاق النار لرفع المعاناة عن المدنيين الذين يعانون من فقد كل مقومات الحياة، خاصة وأن الحرب تسببت في تشريد ثلثي سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون. في الأثناء، ما زالت مشاهد القصف وارتقاء الشهداء، تمثّل الحدث اليومي في غزة، حيث واصلت الطائرات الحربية للاحتلال قصف المزيد من الاهداف في حين كثّفت القوات البرية من مداهمة مقار تزعم بأنها مقار رسمية للمقاومة ومصانع لإنتاج الوسائل القتالية الاستراتيجية. وزعم وزير الدفاع الصهيوني، أنه خلال المداهمة، عثرت قواته على القذائف الصاروخية الثقيلة، والطائرات المسيرة من دون طيار وغيرها من الوسائل القتالية، وقامت بتدمير المواقع. وأضاف بأن قواته هاجمت مدرسة كانت تختبئ بها عناصر من حركة حماس، على حد ادّعائه، وجرت تصفية العناصر والعثور على "العديد من الوسائل القتالية". بالمقابل، أفاد بيان لسرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد، بأن مقاتليها استهدفوا بقذائف التاندوم ثلاث آليات عسكرية صهيونية في محاور التقدم غرب غزة ومحور الصبرة وتل الهوا. استهداف نازحين في رفح وقبلها، قال الإعلام الفلسطيني، إن 11 شخصا على الأقل استشهدوا في قصف صهيوني شرق معبر رفح جنوبغزة، كما تجدّد القصف الصاروخي على مستوطنات غلاف القطاع. وكانت وكالة الأنباء الفلسطينية قد أفادت بسقوط شهداء وجرحى في القصف الذي استهدف مجموعة من النازحين في رفح جنوب قطاع غزة، وذكرت الوكالة أيضا أن القوات الصهيونية واصلت قصف عدد من المناطق في القطاع، مشيرة لتركز القصف على حي الشيخ رضوان في مدينة غزة. تحرّك داخلي لمنع وقف الحرب يأتي ذلك فيما قالت مصادر أن عضوا بالكنيست يعمل على تشكيل "مجموعة مانعة" لا تسمح لنتنياهو بوقف الحرب قبل القضاء تماما على حركة حماس. وأضافت المصادر، إنّ النائب عن حزب الليكود الصهيوني داني دانون يحتج في حوارات خاصة مع زملائه في كتلة الحزب على موافقة دولة الاحتلال على إدخال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة. أما المتحدث باسم الجيش الصهيوني، فقال إن قوات الاحتلال تواصل البحث قرب مستشفيات غزة، مدّعيا، أنه تم العثور على أنفاق ويتم العمل على تدميرها. توسيع العدوان إلى الجنوب في الأثناء، يرى مراقبون أن توسيع العمليات الحربية الصهيونية لتصل إلى جنوب قطاع غزة ستكون له تداعيات خطيرة على المستوى الإقليمي، خاصّة أنّ السكان لن يكون لديهم مكان للنزوح سوى للدول المجاورة عبر رفح، الأمر الذي يُثير حفيظة الدول العربية التي ترفض تهجير السكان الفلسطينيين من أرضهم. وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري، الخميس، إنّ سياسة التهجير القسري التي تتبعها دولة الاحتلال "تعدّ جريمة حرب في حدّ ذاتها"، و«نحن لدينا إرادة قوية وأكيدة لرفض أي شكلٍ من أشكال التهجير للفلسطينيين". بدوره، يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أنّ توسيع العملية البرية الصهيونية لتشمل جنوب القطاع هو هدف خططت له دولة الاحتلال الصهيوني منذ بداية العدوان على غزة في السابع من أكتوبر الماضي، ويقول: "الاحتلال يستهدف الجنوب والوسط لاستكمال عملياتهضد "حماس"، ومن المتوقّع أن يستهدف خان يونس في الجنوب، لأنها أعرض منطقة بقطاع غزة بنحو 12 كم، والجزء الشرقي منها غير مكتظ بالسكان، لذلك تخطّط دولة الاحتلال لفصل خان يونس عن رفح والوسطى، من أجل الضغط على السكان النازحين من الشمال للجنوب وسكان الجنوب أيضًا". وما زال القصف على الجنوب حتى الآن انتقائيا، حيث تستهدف قوات الاحتلال أبنية محدّدة، وليس حزامًا ناريًّا كما حدث في الشمال، لكن التصعيد غير مستبعد تماما. أما عن التداعيات المحتملة لتمديد العدوان جنوبا، فإن توسيع العملية البرية سيؤدّي إلى مزيد من القتل والضحايا من الأبرياء، كما سيدفع بتوترات إقليمية ودولية واسعة. غموض بشأن "الشّفاء" تسبّب عدوان الاحتلال المتواصل في خروج المستشفيات كافة في مدينة غزة ومنطقة شمال القطاع عن الخدمة بشكل كامل، في ظل الظروف الصعبة التي يشهدها مستشفى "المعمداني" والمستشفى "الإندونيسي"، فيما يتواصل حصار مجمع الشفاء الطبي. وتخيم حالة من الغموض على الوضع الحالي في مجمع الشفاء الطبي بعد إعادة اقتحامه من قوات الاحتلال وتدميرِ منشآته وتجريف باحاته، وعزله تماما عن العالم بفعل انقطاع الكهرباء والإنترنت، تزامنا مع انقطاع الاتصالات في قطاع غزة. وقال المدير العام للمستشفيات في قطاع غزة الدكتور محمد زقوت إن الوزارة فقدت الاتصالمع الطواقم الطبية داخل مجمع الشفاء، ولا تعرف ماذا حدث لهم. ونقل مدير مجمع الشفاء الطبي الدكتور محمد أبو سلمية صورة الأوضاع الصعبة التي يعيشها أكثر من 7 آلاف شخص بين جريح ومريض ونازح وكادر طبي في المستشفى بعد ثلاثة أيام من احتلاله من قبل الصهاينة، وتفجير عدد من أقسام المجمع وصيدليته وسوره الشمالي. وقال أبو سلمية، إن جميع من في المستشفى محاصرون ومعرضون للموت البطيء، مشيرا إلى أنه يوجد بينهم 750 جريحا وأكثر من 36 من الأطفال الخدج و45 مريض غسيل كلى و5 آلاف نازح، في ظل صمت عربي ودولي مطبق. وأضاف أنّهم غير قادرين على علاج الأطفال لعدم توفر الدواء، وأن كل من يمرض في محافظة غزة في الوقت الحالي فإنه قد يكون معرضا للموت. وقد نفت حركة حماس الرواية الصهيونية والادعاءات الأمريكية عن استخدامها المستشفيات والمدارس مواقع عسكرية، ووصفتها بالفضيحة للجيش الصهيوني. وفجر الأربعاء الماضي، اقتحم الجيش الصهيوني مجمع الشفاء الطبي غرب مدينة غزة، بعد حصاره لأيام. مقترح لإقامة مناطق آمنة من ناحية ثانية، نقلت وكالة "بلومبيرغ" عن مصادر لم تسمّها، أن الولاياتالمتحدة وحلفاءها الأوروبيين يدفعون نحو خطة لنشر قوة حفظ سلام دولية في قطاع غزة بعد الحرب. وفي حين كشف المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر عن أن واشنطن تريد إقامة "مناطق آمنة" في جنوبغزة، أعلنت وكالات رئيسية للأمم المتحدة رفض أي مشاركة في مقترحات أحادية الجانب لإقامة ما يوصف بمناطق آمنة في القطاع دون موافقة جميع الأطراف عليها. من جانبه قال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية، إن الشعب الفلسطيني هو صاحب الحق الوحيد في تحديد مستقبل غزة وكل فلسطين، وأضاف أن حركة حماس متجذرة في أرضها ولن تستطيع دولة الاحتلال ولا حلفاؤها تغيير الواقع في القطاع.