ككلّ سنة تحتفل المرأة في الجزائر بعيدها العالمي على غرار نساء العالم، غير أنّ طريقة وشكله تختلف من سيدة إلى أخرى، وبعيدا عن الاحتفالات الرسمية يبقى للعيد طعم خاص ونظرة جديدة أصبحت تتطور من سنة إلى أخرى. وحتى نتعرف على مكانته، تجولت ''الشعب'' في مختلف الأحياء والأسواق وهناك وجدت الكثير ممّن كانوا مهتمين باليوم. نصف يوم لا يكفي... ''منال''، معلّمة، سألناها عن العيد العالمي للمرأة فقالت: ''هو يوم يتذكّر فيه المجتمع وجود شقّ منه يساهم في بنائه وتشييده، ورغم كل ما توصف به المرأة من ناقصة عقل ودين إلى كونها مخلوق أدنى من الرجل، تجده يغدق عليها بمختلف كلمات الاحترام والتقدير على الدور الفعّال الذي تقوم به، ولكن تخصيصها بنصف يومي يعكس نصف المكانة التي تحتلها فيه''. ''جميلة''، ربة بيت، وجدناها تتجول في سوق ''ميسونيي''، اقتربنا منها وسألناها عن العيد فقالت: ''باعتباري امرأة غير عاملة فأنا تقريبا غير معنية بالاحتفال فأنا لا أستطيع الاستفادة من نصف يوم عطلة ولن يفكّر زوجي في تهنئتي، بل يقول دائما أنّه لا يفهم سبب الاحتفال بعيد المرأة في مجتمع لا يعترف حتى بحقها في وصفها بالمواطن الكامل، فهو يكرّس مفاهيم خاصة تجعل من المرأة دائما في موقع متأخر عن الرجل''. ''رشيدة''، سيدة أخرى وجدناها في إحدى المحلات التجارية بديدوش مراد، سألناها عن العيد فقالت: ''أعتبره يوما خاصا أرتدي فيه أجمل ملابسي، لأنّ الشركة التي أعمل بها تخص هذا اليومّ باحتفال توزّع فيه هدايا على النساء العاملات في الشركة، إضافة إلى ذلك يخصّني زوجي بهدية وعشاء جاهز يجعل من عطلة نصف اليوم كاملة. حقيقة أنّ المرأة عندنا تنال حقوقها بالتدريج، ولكن المجتمع الذكوري الذي نعيش فيه يجعلها دائما في المرتبة الثانية''. ''أمين''، موظف بمؤسسة عمومية يقول عن العيد: ''لا أرى جدوى من تخصيص هذا اليوم لتحتفل المرأة عندنا بيومها العالمي، لأنّها تحتاج إلى أكثر من يوم، فكل أيام السنة عيد بالنسبة لها، فكل حياتها كزوجة أم أخت هي نوع من السعادة الفطرية لديها، لذلك هي ليست بحاجة إلى يوم كان تاريخه مرتبط بمجتمع مختلف تماما عن مجتمعنا''. يوم لربح أكثر في الآونة الأخيرة أصبح لليوم العالمي بعد تجاري لمسناه في المحلات والمطاعم التي خصصت اليوم بعروض خاصة للمرأة، فبين زيادة ساعات العمل واستقبال الجنس اللطيف فقط في الثامن مارس الربح مضمون، ربما هي طريقة للاستفادة من هذا المخلوق إلى آخر قطرة، وأكد لنا ''محمد''، بائع في محل خاص بملابس النساء الجاهزة أن يوم الثامن مارس يعرف زبائن كثر، وأول ما يقوم به كبائع هو إعطاء كل سيدة تدخل المحل وردة حمراء الأمر الذي يشعرها بالارتياح وتكون مستعدة لمكافأتك على حركتك الظريفة بشراء شيء من المحل، لذلك ترى معظم المحلات يغرّون السيدات بورود حمراء تعكس الحب والصفاء، ولكن من وراء ذلك لن يقدّموا سلعا مجانية بل سيكون على المرأة شرائها وشعور الرضا يسيطر عليها''. من أجل عيد جديد لن نستغرب الأمر إن مرّ الثامن مارس بكل ما فيه من احتفال بالعضو المتميز ''المرأة'' في المجتمع والنساء مازلن يضربن وتهان كرامتهن وتسلب حقوقهن ويبيعهن أولياءهن كما تباع الخراف إلى أول رجل يتقدم لخطبتهن، فاليوم هو زمن قصير وسط حياة طويلة تتكرر شعاراته كل سنة، ولكن يبقى الحال على ما هو عليه رغم أنّ الجهود مبذولة من أجل تنحية الضمير الغائب ''هن'' وتنصيب ضمير المتكلم ''أنا'' تتحدث فيه المرأة بضميرها وجوارحها بكل ثقة وقوة ليكون الثامن مارس مستمرا على طول السنة.